للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دونه كالمواشي، والنصاب عبد كامل والعفر مِنْ دُونِهِ، وَمَنْ مَلَكَ أَقَلَّ مِنْ عَبْدٍ كَامِلٍ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَنْ مَلَكَ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ مِنَ الْمَاشِيَةِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا تَلْزَمُهُ زكاته.

والثاني: أن قال العبد المشرك بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ كَالْمُكَاتَبِ بَيْنَ سَيِّدِهِ، وَبَيْنَ نَفْسِهِ فَوَجَبَ أَنْ لَا تَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ في المشرك، كَمَا لَمْ تَلْزَمْهُ فِي الْمُكَاتَبِ وَتَحْرِيرُ ذَلِكَ أن فِطْرَةً عَمَّنْ لَمْ يَكْمُلْ تَصَرُّفُهُ فِيهِ، فَلَا يَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْهُ كَالْمُكَاتَبِ وَأَمَّا أَبُو ثَوْرٍ فَإِنَّهُ قَالَ زَكَاةُ الْفِطْرِ تَجْرِي مَجْرَى الْكَفَّارَةِ فَلَمَّا لَمْ يَجُزْ تَبْعِيضُ الْكَفَّارَةِ لَمْ يَجُزْ تَبْعِيضُ زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِمَا رِوَايَةُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: " فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى كُلِّ حُرٍّ وعبدٍ مِمَّنْ تَمُونُونَ " وَفِيهِ دَلِيلَانِ:

أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ يَعْنِي: عَنْ كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ فَكَانَ ظَاهِرُهُ فِي وُجُوبِهَا عَنِ الْمُنْفَرِدِ وَالْمُشْتَرِكِ.

والثاني: قوله ممن يمونون فعلقهما بالمؤنة مِمَّنْ يُمَانُ، فَوَجَبَ أَنْ يُزَكَّى عَنْهُ، وَلِأَنَّهَا مُؤْنَةٌ تَجِبُ بِحَقِّ الْمِلْكِ الْمُنْفَرِدِ، فَوَجَبَ أَنْ تَجِبَ بِحَقِّ الْمِلْكِ الْمُشْتَرِكِ كَالنَّفَقَةِ، وَلِأَنَّهَا صَدَقَةٌ تَجِبُ لِأَجْلِ الْمِلْكِ الْمُنْفَرِدِ، فَوَجَبَ أَنْ تَجِبَ لأجل الْمُشْتَرِكِ كَسَائِرِ الصَّدَقَاتِ، فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ: إِنَّ مَا تَتَكَرَّرُ زَكَاتُهُ يَجِبُ اعْتِبَارُ النِّصَابِ فِيهِ، فَهُوَ أَنَّ اعْتِبَارَ ذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ، لِأَنَّ النِّصَابَ إِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي الْمَالِ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ تَجِبُ فِي الْمَالِ، وَغَيْرِ الْمَالِ أَلَّا تَرَاهَا تَجِبُ عَلَى الْحُرِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا عَلَى أَنَّهُمْ أَبْعَدُ النَّاسِ فِي ذَلِكَ قَوْلًا لِأَنَّهُمْ قَالُوا: لَا تَجِبُ حَتَّى يَكُونَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَلَا يَجُوزُ اعْتِبَارُ نِصَابَيْنِ نِصَابَ الْمَالِ وَنِصَابَ الْعَبْدِ، وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَالْمَعْنَى فِيهِ: أَنَّ نَفَقَتَهُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ، فَلِذَلِكَ لَمْ تَجِبْ زَكَاةُ فِطْرِهِ، وَلَمَّا كَانَتْ نَفَقَةُ هَذَا وَاجِبَةً وَجَبَتْ زَكَاةُ فِطْرِهِ، وَأَمَّا أَبُو ثَوْرٍ فَيَفْسُدُ مَا قَالَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ اعْتِبَارَ الْفِطْرَةِ بِالْكَفَّارَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ، لِأَنَّ الْفِطْرَةَ تَجِبُ عَلَى الرَّقَبَةِ تَطْهِيرًا، وَكَذَلِكَ تَجِبُ ابْتِدَاءً وَتَحَمُّلًا وَالْكَفَّارَةُ تَجِبُ عَنِ الْفِعْلِ تَمْحِيصًا وَتَكْفِيرًا، وَذَلِكَ يَجِبُ ابْتِدَاءً وَلَا يَجِبُ تَحَمُّلًا.

وَالثَّانِي: أَنَّ فِيهِ اسْتِيعَابًا لِقِيمَةِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ بَيْنَ مِائَةِ شَرِيكٍ فَيَلْزَمُهُمْ مِائَةُ صَاعٍ، وَقَدْ تَكُونُ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ مِائَةِ صَاعٍ، وَهَذَا خُرُوجُ عَنْ مَوْضُوعِ الْمُوَاسَاةِ.

فَصْلٌ

: فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ عَلَيْهِمَا فِي الْعَبْدِ الْوَاحِدِ صَاعًا وَاحِدًا، فَلَهُمَا حَالَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ غَالِبُ قُوتِهِمَا وَاحِدًا، فَيُخْرِجَانِ مِنْهُ صَاعًا.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ غَالِبُ قُوتِهِمَا مُخْتَلِفًا فَيَكُونُ قُوتُ أَحَدِهِمَا بَرًّا والآخر شعيراً ففيه وجهان:

<<  <  ج: ص:  >  >>