وَلِلْمُكَاتَبِ عَلَى سَيِّدِهِ وَلَا يَسْتَحِقُّهَا السَّيِّدُ عَلَى عَبْدِهِ وَلَا عَلَى مُدَبَّرِهِ وَلَا عَلَى أُمِّ وَلَدِهِ وَلَا يَسْتَحِقُّهَا أَحَدُهُمْ عَلَى سَيِّدِهِ.
فَصْلٌ
: وَأَمَّا الْفَصْلُ الرَّابِعُ: وَهُوَ مَا تُؤْخَذُ بِهِ الشُّفْعَةُ فَهُوَ مَا جُعِلَ بَدَلًا عَنِ الشِّقْصِ الْمَنْقُولِ الْمِلْكِ مِنْ ثَمَنٍ إِنْ كَانَ فِي بَيْعٍ أَوْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ إِنْ كَانَ فِي إِجَارَةٍ أَوْ مَهْرِ الْمِثْلِ إِنْ كَانَ فِي صَدَاقٍ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ مُفَصَّلًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَأَمَّا إِنْ كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ عَلَى مَالِ رَجُلٍ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فصالحه العبد المكاتب عن مال نجمه عن شِقْصٍ مِنْ دَارٍ فَالشُّفْعَةُ لِلشَّرِيكِ وَاجِبَةٌ بِمِثْلِ مَالِ النَّجْمِ لِأَنَّ السَّيِّدَ مَلَكَهُ عِوَضًا عَنْهُ، فَإِنْ أَخْذَهُ الشَّفِيعُ بِمِثْلِهِ ثُمَّ أَدَّى الْمُكَاتَبُ أَوْ عَجَزَ فَهُوَ عَلَى مِلْكِهِ فِيمَا أَخَذَهُ بِشُفْعَتِهِ وَإِنْ تَأَخَّرَ أَخْذُهُ حَتَّى عَجَزَ أَوْ رَقَّ فَفِي الشُّفْعَةِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: قَدْ بَطُلَتْ: لِأَنَّ الْمُكَاتِبَ إِذَا عَجَزَ صَارَ مَالُهُ لِسَيِّدِهِ بالملك لا بالمعاوضة،
والوجه الثاني: أنه الشُّفْعَةَ وَاجِبَةٌ لِأَنَّ السَّيِّدَ ابْتَدَأَ مِلْكَ الشِّقْصِ بِالْمُعَاوَضَةِ فَلَا اعْتِبَارَ بِمَا أَفْضَى إِلَيْهِ مِنْ سُقُوطِ الْمُعَاوَضَةِ.
وَأَمَّا الْإِقَالَةُ فَقَدْ قَالَ أبو حنيفة هِيَ بَيْعٌ وَيَسْتَحِقُّ بِهَا الشُّفْعَةَ وَقَالَ أبو يوسف ومحمد إِنْ كَانَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ فَهِيَ بَيْعٌ وَإِنْ كَانَتْ قَبْلَهُ فَهِيَ فَسْخٌ لَا تَجِبُ بِهَا الشُّفْعَةُ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهَا فَسْخٌ فِي الْحَالَيْنِ وَلَا يَسْتَحِقُّ بِهَا شُفْعَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِيهَا خِيَارٌ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُزَادَ فِي الثَّمَنِ وَلَا أَنْ يُنْقَصَ مِنْهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مَسْأَلَةٌ
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَلَا شُفْعَةَ إِلَّا فِي مشاعٍ وَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ بِالثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ، وَإِنَّمَا أَخَذَهَا بِالثَّمَنِ لِرِوَايَةِ بَعْضِهِمْ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَصًّا، وَلِأَنَّهُ يَدْخُلُ مَدْخَلَ الْمُشْتَرِي فَوَجَبَ أَنْ يَأْخُذَ الشِّقْصَ بِمَا أَخَذَ الْمُشْتَرِي، وَلِأَنَّ عُدُولَهُمَا عن الثمن لا يخلو من ثلاثة أَحْوَالٍ فَاسِدَةٍ:
إِمَّا أَنْ يَأْخُذَهُ بِمَا يَرْضَى بِهِ الْمُشْتَرِي، وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الشَّفِيعِ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَرْضَى إِلَّا بِأَضْعَافِ الثَّمَنِ؛ وَإِمَّا أَنْ يَأْخُذَهُ بِمَا يَرْضَى بِهِ الشَّفِيعُ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَرْضَى إِلَّا بِبَعْضِ الثَّمَنِ، وَإِمَّا أَنْ يَأْخُذَهُ بِالْقِيمَةِ فَقَدْ تَكُونُ أَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ فَيَسْتَضِرُّ الْمُشْتَرِي وَقَدْ تَكُونُ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ فَيَسْتَضِرُّ الشَّفِيعُ. وَإِذَا بَطَلَتْ هَذِهِ الْأَحْوَالُ ثَبَتَ أَخْذُهَا بِالثَّمَنِ.
فَصْلٌ
: فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُهُ بِالثَّمَنِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلٌ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ، أَوْ مِمَّا لَا مِثْلَ لَهُ كَالْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ. فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَهُ مِثْلٌ