الْمَالِ بِهِ مَوْجُودٌ فَصَارَ شِرَاؤُهُ فِي حَقِّ رَبِّ الْمَالِ كَشِرَاءِ مَا لَا يُعَاوَضُ عَلَيْهِ مِنْ خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ.
وَإِذَا لَمْ يَلْزَمْ بِمَا وَصَفْتُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ لَمْ يَخْلُ شِرَاءُ الْعَامِلِ لَهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِعَيْنِ الْمَالِ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ.
فَإِنِ اشْتَرَاهُ بِعَيْنِ الْمَالِ بَطَلَ شِرَاؤُهُ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ بِعَيْنٍ لَا يَمْلِكُ بِهِ فَصَارَ كَبَيْعِهِ بِمَالٍ مَغْصُوبٍ.
وَإِنِ اشْتَرَاهُ فِي ذِمَّتِهِ كَانَ الشِّرَاءُ لَازِمًا لَهُ، وَإِنْ نَقَدَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ فِي ثَمَنِهِ كَانَ ضَامِنًا لَهُ، وَبَطَلَ مِنَ الْقِرَاضِ قَدْرُ مَا دَفَعَ مِنْ ثَمَنِهِ لِأَنَّهُ صَارَ بِالدَّفْعِ مَضْمُونَ الْمِثْلِ فِي ذِمَّتِهِ فَخَرَجَ عَنْ حُكْمِ الْقِرَاضِ لِخُرُوجِهِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ.
فَصْلٌ
: فَأَمَّا إِنِ اشْتَرَى الْعَامِلُ أَخَا رَبِّ الْمَالِ أَوْ عَمَّهُ صَحَّ الشِّرَاءُ وَكَانَ فِي مَالِ الْقِرَاضِ لِجَوَازِ تَمَلُّكِهِ لَهُمْ، وَطَلَبَ الْفَضْلَ فِي ثَمْنِهِمْ لِأَنَّهُمْ لَا يُعْتَقُونَ بِالْمِلْكِ.
فَأَمَّا إِنْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ امْرَأَةً فَاشْتَرَى الْعَامِلُ زَوْجَهَا فِي مَالِ الْقِرَاضِ فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهَا صَحَّ الشِّرَاءُ وَبَطَلَ النِّكَاحُ، وَكَانَ عَلَى حَالِهِ فِي مَالِ الْقِرَاضِ لِأَنَّ مِلْكَ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا مُبْطِلٌ لِلنِّكَاحِ وَغَيْرُ مُوجِبٍ لِلْعِتْقِ.
وَإِنِ اشْتَرَاهُ بِغَيْرِ إِذْنِهَا فَفِيهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ لِمَا فِيهِ مِنْ دُخُولِ الضَّرَرِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فَخَرَجَ عَنْ مُطْلَقِ الْإِذْنِ كَشِرَاءِ الْأَبِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَازِمٌ فِي مَالِ الْقِرَاضِ لِتَفَارُقِهِ، وَثُبُوتِ مِلْكِهِ، وَجَوَازِ أَخْذِ الْفَضْلِ مِنْ ثَمَنِهِ بِخِلَافِ الْأَبِ الْمَعْدُومِ ذَلِكَ كُلِّهُ فيه والله أعلم.
[مسألة]
قال الشافعي رضي الله عنه: " فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ يَشْتَرِي أَبَا سَيِّدِهِ فَالشَّرَاءُ مفسوخٌ لِأَنَّهُ مخالفٌ وَلَا مال له (وقال) في كتاب الدعوى والبينات في شراء العبد من يعتق على مولاه قولان: أحدهما جائزٌ والآخر لا يجوز (قال المزني) قياس قوله الذي قطع به أن البيع مفسوخٌ لأنه لا ذمة لَهُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَجُمْلَتُهُ أَنَّ السَّيِّدَ إِذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ فَاشْتَرَى الْعَبْدَ أَبَا سَيِّدِهِ لَمْ يَخْلُ حَالُهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أحدهما: أَنْ يَنْهَاهُ عَنْ شِرَائِهِ فَيَكُونُ الشِّرَاءُ بَاطِلًا لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَى بَائِعِهِ وَيَرْتَجِعُ بِمَا دَفَعَهُ فِي ثَمَنِهِ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي شِرَائِهِ، فَالشِّرَاءُ صَحِيحٌ وَفِي زَمَانِ عِتْقِهِ وَجْهَانِ: