كَإِفْسَادِ الصَّوْمِ بِالْقَيْءِ إِذَا ذَرَعَهُ طَرْدًا، وَإِذَا اسْتَدْعَاهُ عَكْسًا، وَلِأَنَّهَا طَهَارَةٌ حُكْمِيَّةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْخَارِجِ من مخرج الحديث فَوَجَبَ أَنْ يَنْتَفِيَ عَنِ الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ مَخْرَجِ الْحَدَثِ كَالْغُسْلِ.
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ مَنْ قَاءَ أَوْ قَلَسَ فَلْيَتَوَضَّأْ، فَهُوَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي حَاتِمٍ قَالَ: هُوَ مُرْسَلٌ لِأَنَّ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يَرْوِيهِ عَنِ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَالْمُرْسَلُ عِنْدَنَا لَا حُجَّةَ فِيهِ، عَلَى أَنَّا نَحْمِلُهُ عَلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ:
إِمَّا عَلَى الْوُضُوءِ اسْتِحْبَابًا.
وَإِمَّا عَلَى غَسْلِ مَا أَصَابَ الْفَمَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْقَلَسَ وَهُوَ الرِّيقُ الْحَامِضُ يَخْرُجُ مِنَ الْحَلْقِ وَلَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ وِفَاقًا.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ: الْوُضُوءُ مِنْ كُلِّ دَمٍ سَائِلٍ، فَالرَّاوِي يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمْ يَلْقَ تَمِيمًا الدَّارِيَّ فَصَارَ مُنْقَطِعًا يَحْمِلُ عَلَى غَسْلِ الْمَوْضِعِ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَرَاوِيهِ عُمَرُ بْنُ رَبَاحٍ، وَهُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَالثَّابِتُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: اغْسِلْ أَثَرَ الْمَحَاجِمِ عَنْكَ وَحَسْبُكَ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ فَهُوَ أَنَّ وَجْهَ الدَّلِيلِ فِيهِ سَاقِطٌ لِأَنَّ ثَوْبَانِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صَبَّ عَلَيْهِ وَضُوءًا لِغَسْلِ فَمِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِحَدَثٍ كَانَ بِهِ أَوْ لِاسْتِحْبَابِهِ، عَلَى أَنَّنَا قَدْ رَوَيْنَا عَنْ ثَوْبَانَ نَصًّا خِلَافَهُ، وحديث سَلْمَانَ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ صَحَّ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى مَا خَرَجَ مِنَ السَّبِيلَيْنِ مُنْتَقِضٌ بِالْقَيْءِ إِذَا لَمْ يَمْلَأِ الْفَمَ، ثُمَّ الْمَعْنَى فِي السَّبِيلَيْنِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الصَّوْتُ وَالرِّيحُ الْخَارِجُ مِنْهُمَا نَاقِضًا لِلْوُضُوءِ كَانَ غَيْرُهُ كَذَلِكَ، وَلَمَّا كَانَ الصَّوْتُ وَالرِّيحُ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ لَا يَنْقُضَانِ الْوُضُوءَ كَانَ غَيْرُهُمَا كَذَلِكَ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِالْفِطْرِ فِي الصَّوْمِ بِالدَّاخِلِ مِنْ مُعْتَادٍ وَغَيْرِ مُعْتَادٍ، فَهُوَ اسْتِدْلَالٌ بِالْعَكْسِ وَلَا نَقُولُ بِهِ، ثُمَّ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ لَمَّا أَفْطَرَ بِقَلِيلِهِ أَفْطَرَ بِكَثِيرِهِ، وَلَمَّا لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُهُ بِقَلِيلِهِ لَمْ ينتقض بكثيره.
[(مسألة)]
: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَيْسَ فِي قَهْقَهَةِ مُصَلٍّ وَلَا فِيمَا مَسَّتِ النار وضوءٌ لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه أكل كتف شاةٍ فصلى ولم يتوضأ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهُمَا مَسْأَلَتَانِ:
أَحَدُهُمَا: فِي الْقَهْقَهَةِ.