للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا الْفَصْلُ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَرْبَعِ مَسَائِلَ.

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: أَنْ يَقُولَ أَعْطُوهُ كَذَا وَكَذَا مِنْ دنانيري الذي نقله المزني هاهنا أنها وصية بدينارين لأنها لما ذكر عددا مِنْ دَنَانِيرِهِ دَلَّ عَلَى دِينَارَيْنِ وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ مُخَرَّجٌ مِنَ الْإِقْرَارِ إنَّهَا وَصِيَّةٌ بِدِينَارٍ لِأَنَّهُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ من الفردين أَقَلَّ مِنْ دِينَارٍ وَهُمَا مَعًا دِينَارٌ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ وَصِيَّةً بِمَا ذَكَرْنَا نُظِرَ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ دَنَانِيرُ صَحَّتِ الْوَصِيَّةُ بِالْقَدْرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَلَى اخْتِلَافِ الْقَوْلِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يكن له دَنَانِيرُ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةً.

وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَقُولَ كَذَا وَكَذَا مِنَ الدَّنَانِيرِ فَيَكُونُ أَيْضًا عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْقَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا وَصِيَّةٌ بِدِينَارَيْنِ. وَالثَّانِي: بِدِينَارٍ لَكِنْ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهَذَا الْقَدْرِ سَوَاءٌ تَرَكَ دَنَانِيرَ أَوْ لَمْ يَتْرُكْ.

وَالْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَقُولَ كَذَا وَكَذَا فهذه وصية بعد دين يرجع في بيانها إلى الوارث فإن ذكر شيئا بينه قبلنا منه مع يمينه إن حلف فِيهِ وَسَوَاءٌ بَيَّنَ ذَلِكَ مِنْ جِنْسٍ أَوْ جِنْسَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ:

إِذَا قَالَ أَعْطُوا ثُلُثِي لِأَعْقَلِ النَّاسِ فَقَدْ حَكَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الرَّبِيعِ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: يُعْطى أَزْهَد النَّاسِ وَهَذَا صَحِيحٌ. لِأَنَّ الْعَقْلَ مَانِعٌ مِنَ الْقَبَائِحِ وَالزُّهَّادُ هُمْ أَشَدُّ النَّاسِ مَنْعًا لِأَنْفُسِهِمْ مِنَ الشُّبُهَاتِ.

فَصْلٌ:

ولو قال أعطوا ثلثي لأجمل النَّاسِ فَقَدْ قَالَ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيِّ يُعْطَاهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ وَالَّذِي أَرَاهُ أَنْ يُعْطَاهُ أَهْلُ الكبار مِنَ الْمُسْلِمِينَ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ قَدْ أَقْدَمُوا عَلَى فِعْلِ مَا يَعْتَقِدُونَ اسْتِحْقَاقَ الْعَذَابِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَأَهْلِ الذِّمَّةِ الَّذِينَ لَا يَعْتَقِدُونَ ذَلِكَ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْأَغْلَبَ مِنْ قَصْدِ الْمُسْلِمِ بِوَصِيَّتِهِ الْمُسْلِمِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ.

فَصْلٌ:

وَلَوْ قَالَ أَعْطُوا ثلثي لأحمق الناس قال إبراهيم الجريري يُعْطَاهُ مَنْ يَقُولُ بِالتَّثْلِيثِ مِنَ النَّصَارَى، وَالَّذِي أَرَاهُ أَنْ يُعْطَاهُ أَسْفَهُ النَّاسِ لِأَنَّ الْحُمْقَ يَرْجِعُ إِلَى الْفِعْلِ دُونَ الِاعْتِقَادِ.

فَصْلٌ:

وَلَوْ قَالَ أَعْطُوا ثُلُثِي لِأَعْلَمِ النَّاسِ كَانَ مَصْرُوفًا فِي الْفُقَهَاءِ لِاضْطِلَاعِهِمْ بِعُلُومِ الشَّرِيعَةِ الَّتِي هِيَ بِأَكْثَرِ الْعُلُومِ مُتَعَلِّقَةً.

فَصْلٌ:

وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِسَيِّدِ النَّاسِ كَانَ لِلْخَلِيفَةِ - رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْمَنَامِ فَجَلَسْتُ مَعَهُ ثُمَّ قُمْتُ أُمَاشِيهِ فَضَاقَ الطَّرِيقُ بِنَا فَوَقَفَ فَقُلْتُ تَقَدَّمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّكَ سَيِّدُ النَّاسِ قَالَ لَا تَقُلْ هَكَذَا قُلْتُ بَلَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِسَيِّدِ النَّاسِ كَانَ لِلْخَلِيفَةِ أَنَا أُفْتِيكَ بِهَذَا فَخُذْ حَظِّي به ولم أكن سمعت هذه المسألة قبل

<<  <  ج: ص:  >  >>