للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَأْمُورُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ عَنْ أَمْرِ مَنْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي نَفْسِهِ.

(فَصْلٌ)

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَبُو الْمَجْرُوحِ تَوَلَّاهَا فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْمَجْرُوحُ غَيْرَ مُوَلَّى عَلَيْهِ لِبُلُوغِهِ وَعَقْلِهِ فَيَكُونُ الْأَبُ ضَامِنًا لِنِصْفِ الدِّيَةِ، وَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا قَوَدَ لِلِابْنِ عَلَى أَبِيهِ، وَعَلَى الْجَارِحِ الْقَوَدُ فِي النَّفْسِ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ شَارَكَ فِي عَمْدٍ مَضْمُونٍ، فَإِنْ عَفَا عَنِ الْقَوَدِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ أَحَدُ الْقَاتِلِينَ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّ جُرْحَهُ صَارَ نَفْسًا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَجْرُوحُ مُوَلًّى عَلَيْهِ بِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ.

فَفِي ضَمَانِ الْأَبِ لَهَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَضْمَنُهَا تَغْلِيبًا لِحُسْنِ النَّظَرِ بِمَقْصُودِ وِلَايَتِهِ، فَعَلَى هَذَا فِي وُجُوبِ الْقَوَدِ عَلَى الْجَارِحِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: عَلَيْهِ الْقَوَدُ إِذَا رُوعِيَ مُشَارَكَتُهُ فِي عَمْدٍ غَيْرِ مَضْمُونٍ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْأَبَ ضامنا لَهَا تَغْلِيبًا لِلْفِعْلِ الْمَضْمُونِ، فَعَلَى هَذَا يَجِبُ عَلَى الْجَارِحِ الْقَوَدُ فِي النَّفْسِ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ شَارَكَ فِي عَمْدٍ مَضْمُونٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَوَلَّاهَا مَنْ أَمَرَهُ الْأَبُ؛ لَأَنَّ لِلْأَبِ فِي النَّظَرِ عَلَى وَلَدِهِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ.

(فَصْلٌ)

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ يَتَوَلَّاهَا الْإِمَامُ، أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ خُلَفَائِهِ، أَوْ مَنْ يَأْمُرُهُ الْإِمَامُ بِهَا؛ لِأَنَّ أَمْرَ الْإِمَامِ مُطَاعٌ، فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْمَجْرُوحُ غَيْرَ مُوَلًّى عَلَيْهِ لِبُلُوغِهِ وَعَقْلِهِ فَعَلَى الْإِمَامِ الْقَوَدُ؛ لِإِقْدَامِهِ عَلَى مَا لَا نَظَرَ لَهُ فِيهِ، فَإِنْ عَفَا عَنْهُ كَانَ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ حَالَّةً فِي مَالِهِ وَالْكَفَّارَةُ، وَعَلَى الْجَارِحِ الْقَوَدُ فِي النَّفْسِ؛ لِأَنَّهُمَا قَاتِلَا عَمْدٍ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَجْرُوحُ مُوَلًّى عَلَيْهِ بِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ فَفِي وُجُوبِ الْقَوَدِ قَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا الشَّافِعِيُّ فِي قَطْعِ السَّلْعَةِ:

أَحَدُهُمَا: عَلَيْهِ وعلى الجارح القود؛ فإن عفى عَنْهُمَا كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ حَالَّةً فِي مَالِهِ وَالْكَفَّارَةُ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا قَوَدَ عَلَى الْإِمَامِ لِشُبْهَةِ وِلَايَتِهِ وَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَأَيْنَ تَكُونُ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: فِي مَالِهِ مَعَ الْكَفَّارَةِ.

وَالثَّانِي: فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَالْكَفَّارَةُ فِي مَالِهِ، لَوْ عَزَّرَ فَتَلِفَ الْمُعَزَّرُ، فَأَمَّا الْجَارِحُ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ شَارَكَ فِي عَمْدٍ مَضْمُونٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>