فِي عَامِهِ، وَقَالَ أبو حنيفة: إِنْ سَاقَ هَدْيًا وَأَرَادَ الْحَجَّ فِي عَامِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَحَلَّلَ وَكَانَ بَاقِيًا عَلَى إِحْرَامِهِ حَتَّى يُكْمِلَ الْحَجَّ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ مَعَهُ فِيهِ فلم يحتج إلى إعادته.
[مسألة]
: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَا يَقْطَعُ الْمُعْتَمِرُ التَلْبِيَةَ حَتَّى يَفْتَتِحَ الطَوَافَ مُسْتَلِمًا أَوْ غَيْرَ مستلمٍ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ السُّنَّةُ فِي الْمُعْتَمِرِ أَنْ يَكُونَ عَلَى تَلْبِيَتِهِ حَتَّى يَفْتَتِحَ الطَّوَافَ فَإِذَا افْتَتَحَهُ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ، وَقَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ مُحْرِمًا مِنْ مِيقَاتِ بَلَدِهِ قَطَعَ إِذَا دَخَلَ أَرْضَ الْحَرَمِ، وَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ كَالتَّنْعِيمِ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ عِنْدَ بُيُوتِ مَكَّةَ؛ تَعَلُّقًا بِرِوَايَةِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ إِذَا دَخَلَ الْحَرَمَ.
وَالدَّلَالَةُ عَلَى مَا قُلْنَا مَا رَوَى ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يُلَبِّي الْمُعْتَمِرُ حَتَّى يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ " وَرَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اعْتَمَرَ ثَلَاثَ عُمَرٍ، كُلُّ ذَلِكَ يُلَبِّي حَتَّى يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ، وَلِأَنَّ التَّلْبِيَةَ لِأَجْلِ الْإِحْرَامِ، فَوَجَبَ أَنْ يَسْتَدِيمَهَا إِلَى أَنْ يَشْرَعَ فِي التَّحَلُّلِ من الإحرام وذلك بالمشروع فِي الطَّوَافِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ عَلَى تَلْبِيَتِهِ حتى يستلم الحجر للطواف.
: قال الشافعي رضي الله عنه: " وليس على النساء حلقٌ ولكن يقصرن ".
وَهَذَا كَمَا قَالَ، السُّنَّةُ فِي النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ، وَالْحَلْقُ لَهُنَّ مَكْرُوهٌ؛ لِرِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حَلْقٌ إِنَمَا عَلَى النَسَاءِ تَقْصِيرٌ "، وَلِأَنَّ الْحَلْقَ فِيهِنَّ مُثْلَةٌ، وَنُهِيَ عَنِ الْمُثْلَةِ؛ فَإِذَا أَرَادَتِ التَّقْصِيرَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخَذَتْ مِنْ شَعْرِهَا قَدْرَ أُنْمُلَةٍ، وَتَعُمُّ جَوَانِبَ رَأْسِهَا كُلَّهَا، وَلَا تَقْطَعُ ذَوَائِبَهَا لِأَنَّ ذَلِكَ يَشِينُهَا وَلَكِنْ تَسُلُّ الذَّوَائِبَ وَتَأْخُذُ مِنْ تَحْتِهِ قُصَاصَهُ وَمِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي لَا يُبَيَّنُ فَتْحُهُ، فلو حلقت أساءت وأجزأها.
: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ كَانَ حَاجًّا أَوْ قَارِنًا أَجْزَأَهُ طَوَافٌ واحدٌ لِحَجِّهِ وَعُمْرَتِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لعائشة وكانت قارناً: " طَوَافُكِ يَكْفِيكِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ الْقَارِنُ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِي إِحْرَامِهِ كَالْمُفْرِدِ يُجْزِئُهُ لَهَا طَوَافٌ وَاحِدٌ وَسَعْيٌ وَاحِدٌ وَهُوَ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَقَوْلُ الْأَكْثَرِينَ مِنَ التَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاءِ، وَقَالَ أبو حنيفة وَالثَّوْرِيُّ: عَلَيْهِ طَوَافَانِ وَسَعْيَانِ؛ اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالعُمْرَةَ للهِ} (البقرة: ١٩٦) فَكَانَ الْأَمْرُ بِإِتْمَامِهِمَا يُوجِبُ الْإِتْيَانَ بِأَفْعَالِهِمَا، وَرَوَى عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَعَلَيْهِ طَوَافَانِ " وَرَوَى عُمَارَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حججت مع إبراهيم بن محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَطَافَ طَوَافَيْنِ، وَقَالَ حججت مع محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ فَطَافَ طَوَافَيْنِ وَقَالَ حَجَجْتُ مَعَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَطَافَ طَوَافَيْنِ وَقَالَ حَجَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فطاف طوافين.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute