للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمِلْكَ قَدِ انْتَقَلَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ أَحَظَّهُمَا الْإِجَازَةُ - لِأَنَّهُ كَانَ غَائِبًا - أُجْبِرَ عَلَى الْإِجَازَةِ إِلَّا أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْمِلْكَ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِالْعَقْدِ وَتَقْضِي الْخِيَارُ. وَهُوَ كَمَا ذكرنا غير صحيح والله أعلم.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " فَإِنْ أَخَذَهُ دُونَ صِفَتِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ إِلَّا أَنْ يَرْضَى الْغُرَمَاءُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ سَلَمًا فَحَلَّ السَّلَمُ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ فَقَبَضَهُ دُونَ صِفَتِهِ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَسْلَمَ فِي طَعَامٍ حَدِيثٍ فَقُبِضَ عَتِيقًا أَوْ فِي جَيِّدٍ فَأُخِذَ رَدِيئًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَرْضَ غُرَمَاؤُهُ بِهِ، لِأَنَّ قَبْضَهُ دُونَ صِفَتِهِ نَقْصٌ يَدْخُلُ عَلَى الْغُرَمَاءِ فِي حُقُوقِهِمْ، لأن نَقْصَ الصِّفَةِ كَنَقْصِ الْعَيْنِ فَإِنْ رَضِيَ الْغُرَمَاءُ بِقَبْضِهِ دُونَ صِفَتِهِ جَازَ لِأَنَّ الْمُفْلِسَ تَامُّ الْمِلْكِ بِدَلِيلِ أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي مَالِهِ وَإِنَّمَا الْحَجْرُ وَاقِعٌ عَلَيْهِ لِحُقُوقِ الْغُرَمَاءِ فَإِذَا رَضُوا بِالنَّقْصِ الدَّاخِلِ عَلَيْهِمْ جَازَ فَلَوْ وَهَبَ المفلس مالا يَرْضَى بِهِ غُرَمَاؤُهُ فَفِيهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ كَنَقْصِ الْوَصْفِ.

وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ قَبْضَ السَّلَمِ دُونَ صِفَتِهِ مُسَامَحَةٌ فِي عَقْدٍ تَقَدَّمَ الْفَلَسَ فَصَحَّ مِنْهُ مَعَ رِضَا الغرماء اعتبارا بعقد ما مَضَى وَالْهِبَةُ فِي الْفَلَسِ عَقْدٌ مُبْتَدَأٌ وَاسْتِهْلَاكُ مَالٍ مُسْتَأْنَفٍ فَلَمْ يَصِحَّ مَعَ رِضَا الْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ عَنْهُ غَائِبٌ لَمْ يرض به.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ أَسْلَفَهُ فِضَّةً بِعَيْنِهَا فِي طَعَامٍ ثُمَّ فَلَسَ كَانَ أَحَقَّ بِفِضَّتِهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي رَجُلٍ أَسْلَمَ فِضَّةً فِي طَعَامٍ مَوْصُوفٍ فَفَلَسَ الْمُسَلَّمُ إِلَيْهِ فَلَا يَخْلُو حَالُ الْفِضَّةِ الَّتِي كَانَتْ ثَمَنًا مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ تَكُونَ بَاقِيَةً أَوْ مُسْتَهْلَكَةً فَإِنْ كَانَتِ الْفِضَّةُ بَاقِيَةً فِي يَدِ الْمُفْلِسِ، فَلِلْمُسَلِّمِ أَنْ يَرْجِعَ بِهَا لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَمَّا جَازَ أَنْ يَرْجِعَ بِعَيْنِ مَالِهِ إِذَا كَانَ مُثَمَّنًا جَازَ أَنْ يَرْجِعَ بِعَيْنِ مَالِهِ إِذَا كَانَ ثَمَنًا.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا جَازَ بِالْفَلَسِ فَسْخُ الْبَيْعِ الْمُنْبَرِمِ فَأَوْلَى أَنْ يَجُوزَ بِهِ فَسْخُ السَّلَمِ الَّذِي لَيْسَ بِمُنْبَرِمٍ وَإِنْ كَانَتِ الْفِضَّةُ مُسْتَهْلَكَةً فَهَلْ يَسْتَحِقُّ بِحُدُوثِ الْفَلَسِ خِيَارًا فِي فَسْخِ السَّلَمِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ - لَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ السَّلَمِ، لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَحَقَّ بِالْفَلَسِ خِيَارَ الْفَسْخِ بِتَعْجِيلِ الثَّمَنِ وَتَأْخِيرِ الْمُثَمَّنِ اسْتَحَقَّهُ بِتَعْجِيلِ الثَّمَنِ وَتَأْخِيرِ الْمُثَمَّنِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ - أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ فِي الْفَسْخِ لِأَنَّ الْفَسْخَ

<<  <  ج: ص:  >  >>