للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الطَّرَفَ الْأَوَّلَ لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا عِنْدَهُمْ إِلَّا بِالدُّخُولِ فِي الطُّهْرِ وَالطَّرَفَ الْأَوَّلَ لَا يُعْتَدُّ فِيهِ بِالْحَيْضِ إِذَا طُلِّقَتْ فِيهِ فَبَطَلَ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى الْحَمْلِ فَهُوَ دَلِيلُنَا؛ لِأَنَّ عِدَّةَ الْحَامِلِ لِزَمَانِ كُمُونِهِ وَالْخُرُوجَ مِنْهَا بطهوره فقياسه أن تكون عدة الحائض زمانه كُمُونِهِ، وَالْخُرُوجُ مِنْهَا بِظُهُورِهِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِأَنَّ فِي الْحَيْضِ بَرَاءَةَ الرَّحِمِ مِنَ الْحَمْلِ فَهُوَ أَنَّ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ تَكُونُ بِالْحَيْضِ وهو مبرئ، وإن كان الاعتداء بِغَيْرِهِ كَالْوِلَادَةِ تَنْقَضِي بِهَا الْعِدَّةُ وَبَرِئَ بِهَا الرحم، وإن كان الاعتداء بِمَا تَقَدَّمَهَا.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِالْحَيْضِ فِي اسْتِبْرَاءِ الْأَمَةِ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إِنِ اسْتَبْرَأَهَا عَلَى قَوْلِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا يَكُونُ بِالطُّهْرِ كَالْحُرَّةِ فَاسْتَوَيَا.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَكُونُ بِالْحَيْضِ وَالْحُرَّةُ بِالطُّهْرِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ اسْتِبْرَاءَ الْأَمَةِ لِثُبُوتِ الْمِلْكِ وَاسْتِبْرَاءَ الْحُرَّةِ لِزَوَالِ الْمِلْكِ فَكَانَ اخْتِلَافُ الْمُوجِبَيْنِ دَلِيلًا عَلَى اخْتِلَافِ الْحُكْمَيْنِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ اسْتِبْرَاءَ الْأَمَةِ مَوْضِعٌ لِاسْتِبَاحَةِ وَطْئِهَا فَكَانَ بِالْحَيْضِ لِيَتَعَقَّبَهُ الطُّهْرُ الْمُبِيحُ، وَاسْتِبْرَاءَ الْحُرَّةِ مَوْضُوعٌ لِاسْتِبَاحَةِ النِّكَاحِ وَعَقْدُ النِّكَاحِ يَجُوزُ فِي الْحَيْضِ كَمَا يَجُوزُ فِي الطُّهْرِ فَاخْتَلَفَا لِاخْتِلَافِ الْمَقْصُودِ بِهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الشافعي: " وَلَيْسَ فِي الْكِتَابِ وَلَا فِي السُّنَّةِ لِلْغُسْلِ بَعْدَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ مَعْنًى تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ ".

قال الماوردي: والذي أراد الشافعي بِهَذَا الْفَصْلِ الرَّدُّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَالْعِرَاقِيِّينَ فِي مُخَالَفَةِ الظَّاهِرِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَقْرَاءِ الَّتِي أمر الله تعالى بها، ويناقض أَقَاوِيلِهِمْ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ قَدْ دَلَّا عَلَى وُجُوبِ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ، وَزَادَ عَلَيْهَا أَبُو حَنِيفَةَ مَعَ كَوْنِ الزِّيَادَةِ عِنْدَهُ نَسْخًا، فَقَالَ: إِذَا اسْتَكْمَلَتِ الْحَيْضَةَ الثَّالِثَةَ الَّتِي تَنْقَضِي بِهَا عِنْدَهُ الْعِدَّةُ قَالَ: اعْتَبَرَ الْحَيْضَةَ الثَّالِثَةَ، فَإِنْ كَانَتْ عَشْرَةَ أَيَّامٍ كَامِلَةً انْقَضَتْ بِهَا الْعِدَّةُ إِذَا تَعَقَّبَهَا الطُّهْرُ سَوَاءٌ اغْتَسَلَتْ أَوْ لَمْ تَغْتَسِلْ، وَإِنْ كَانَتِ الْحَيْضَةُ الثَّالِثَةُ نَاقِصَةً لِنُقْصَانِهَا عَنْ عَشْرَةِ أَيَّامٍ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا حَتَّى تَغْتَسِلَ أَوْ يَمُرَّ عَلَيْهَا وَقْتُ الصَّلَاةِ وَيَفُوتَ وَهِيَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي الْعِدَّةِ وَلِلزَّوْجِ الرَّجْعَةُ، وَكَذَلِكَ يَقُولُ فِي اسْتِبْرَاءِ الْأَمَةِ بِالْحَيْضَةِ إِنَّهَا كَالْحُرَّةِ فِي الِاسْتِبْرَاءِ قَبْلَ الْغُسْلِ فَإِنِ اغْتَسَلَتْ إِلَّا مِقْدَارَ كَفٍّ مِنْ جسدها فكلا غُسْلَ، وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ وَإِنِ اغْتَسَلَتْ إِلَّا مِقْدَارَ أُصْبُعٍ فَقَدِ انْقَضَتِ الْعِدَّةُ، وَبَطَلَتِ الرَّجْعَةُ وَحَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ وَإِنْ لَمْ تَسْتَبِحِ الصَّلَاةَ حَتَّى يَعُمَّ الغسل جسدها وإن تممت فَهِيَ فِي الْعِدَّةِ حَتَّى تَدْخُلَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>