للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللِّسَانِ، وَيَسْقُطُ مِنْهَا حُرُوفُ الْحَلْقِ وَالشَّفَةِ وَهِيَ عَشَرَةُ أَحْرُفٍ، سِتَّةٌ مِنْهَا حَلْقِيَّةٌ وَهِيَ هَمْزَةُ الألف، والحاء، والخاء، والعين، والعين، وَالْهَاءُ.

وَأَرْبَعَةٌ مِنْهَا شَفَوِيَّةٌ وَهِيَ الْبَاءُ، وَالْفَاءُ، وَالْمِيمُ وَالْوَاوُ.

وَيَبْقَى مِنْ حُرُوفِ الْكَلَامِ مَا يَخْتَصُّ بِاللِّسَانِ وَهُوَ تِسْعَةَ عَشَرَ حَرْفًا تَتَقَسَّطُ عَلَيْهَا مَا ذَهَبَ مِنَ الْكَلَامِ، فَإِنْ ذَهَبَ مِنْهُ حَرْفٌ كَانَ عَلَيْهِ جُزْءًا مِنْ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنَ الدِّيَةِ وَهَذَا فَاسِدٌ مِنْ ثلاثة أوجه:

أحدهما: أَنَّ هَذِهِ وَإِنْ كَانَ مَخَارِجُهَا فِي الْحَلْقِ فَالشَّفَةُ وَاللِّسَانُ مُعَبِّرٌ عَنْهَا وَنَاطِقٌ بِهَا، وَلِذَلِكَ لَمْ يَتَلَفَّظِ الْأَخْرَسُ بِهَا.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَقْتَضِي غَيْرَ قَوْلِهِمَا أَنْ لَا يَلْزَمَ بِالْجِنَايَةِ عَلَى لِسَانِهِ ضَمَانُ مَا ذَهَبَ مِنْ حُرُوفِ الْحَلْقِ وَالشَّفَةِ، وَيَكُونُ ضَمَانُهُ مُخْتَصًّا بِمَا ذَهَبَ مِنْ حُرُوفِ اللِّسَانِ وَهِيَ تِسْعَةَ عَشَرَ، وَيَكُونُ ضَمَانُ الْحُرُوفِ الْحَلْقِيَّةِ وَالشَّفَوِيَّةِ سَاقِطًا عَنْهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يجزء على محله قالاه لَمْ يَقُلْهُ غَيْرُهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَقُولَاهُ فَسَدَ تَعْلِيلُهُمَا.

وَالثَّالِثُ: يَلْزَمُهُمَا فِي الْحُرُوفِ الشَّفَوِيَّةِ أَنْ يَضْمَنَهَا إِذَا جَنَى عَلَى شَفَتِهِ، فَإِنْ قَالَاهُ رَكِبَا الْبَابَ، وَإِنْ لَمْ يَقُولَاهُ فَسَدَ التَّعْلِيلُ وَصَحَّ مَا رَأَيْنَاهُ مِنِ اعْتِبَارِ جَمِيعِهَا بِاللِّسَانِ الْمُفْصِحِ عَنْهَا وَالْمُتَرْجِمِ لَهَا، فَإِنْ أَذْهَبَ بِحَرْفٍ وَاحِدٍ مِنْهَا كَانَ عَلَيْهِ جُزْءًا مِنْ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنَ الدِّيَةِ، وَإِنْ أَذْهَبْ بِعَشَرَةِ أَحْرُفٍ كَانَ عَلَيْهِ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَعَلَى قِيَاسِ هَذَا فِيمَا زَادَ وَنَقَصَ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَا خَفَّ عَلَى اللِّسَانِ وَقَلَّ هِجَاؤُهُ أَوْ ثَقُلَ عَلَى اللِّسَانِ وَكَثُرَ هِجَاؤُهُ لَا يُفَضَّلُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، وَتَكُونُ الدِّيَةُ مُقَسَّطَةً عَلَى أَعْدَادِ جَمِيعِهَا.

(فَصْلٌ)

فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْتَبِرَ كُلَّ حَرْفٍ مِنْهَا فِي بَقَائِهِ وَذَهَابِهِ، لَمْ تَعْتَبِرْ مُفْرَدَاتُ الْحُرُوفِ، لِأَنَّ للحرف الْوَاحِدِ يُجْمَعُ فِي الْهِجَاءِ حُرُوفًا، لَكِنْ تَعْتَبِرُهُ بِكَلِمَةٍ يَكُونُ الْحَرْفُ مِنْ جُمْلَتِهَا إِمَّا فِي أَوَّلِهَا أَوْ فِي وَسَطِهَا أَوْ فِي آخِرِهَا، وَلَوِ اعْتَبَرْتَهُ فِي الْأَوَّلِ وَالْوَسَطِ وَالْأَخِيرِ كَانَ أَحْوَطَ، فَإِذَا أَرَدْتَ اعْتِبَارَهُ فِي أَوَّلِ الْكَلِمَةِ وَكَانَ الْمُعْتَبَرَ هُوَ الْأَلِفَ أَمَرْتَهُ أَنْ يَقُولَ: أَحْمَدُ وَأَسْهَلُ وَأَبْصَرُ وَأَبْعَدُ، لِيَكُونَ بَعْدَ الْأَلْفِ حُرُوفٌ مُتَغَايِرَةٌ يَزُولُ بِهَا الِاشْتِبَاهُ، فَإِنْ لَمْ يَسْلَمْ لَهُ الْأَلِفُ فِي هَذِهِ الْأَسْمَاءِ وَالْأَفْعَالِ كَانَتْ ذَاهِبَةً، وَإِنْ سَلِمَتْ كَانَتْ بَاقِيَةً.

وَإِذَا أَرَدْتَ اعْتِبَارَ الْبَاءِ أَمَرْتَهُ أَنْ يَقُولَ: بَرَكَةً وَبَابًا وَبُعْدًا، ثُمَّ عَلَى هَذِهِ الْعِبْرَةِ مِنْ جَمِيعِ الْحُرُوفِ، فَإِنْ ثَقُلَ عَلَيْهِ الْحَرْفُ ثُمَّ يَأْتِي بِهِ سَلِيمًا عُدَّ فِي السَّلِيمِ دُونَ الذَّاهِبِ، وَإِنْ قَلَبَهُ بِلُثْغَةٍ صَارَتْ فِي لِسَانِهِ عُدَّ فِي الذَّاهِبِ دُونَ السَّلِيمِ، لِأَنَّ الْأَلْثَغَ يبدل الحروف

<<  <  ج: ص:  >  >>