للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نَقَصَتِ الْأَرْضُ بِقَلْعِ الْغَرْسِ، فَإِنِ امْتَنَعَ مِنْ قَلْعِهِ وَبَذَلَ صَاحِبُ الْأَرْضِ قِيمَةَ الْغَرْسِ قَائِمًا لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْغِرَاسِ إِقْرَارُ غَرْسِهِ وَقِيلَ: أَنْتَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ قَلْعِ غَرْسِكَ أَوْ أَخْذِ قِيمَتِهِ قَائِمًا وَإِنِ امْتَنَعَ صَاحِبُ الْأَرْضِ مَنْ بَذْلِ قِيمَةِ الْغَرْسِ قَائِمًا وَامْتَنَعَ صَاحِبُ الْغَرْسِ مِنْ قَلْعِهِ - فَإِنْ رَضِيَ صَاحِبُ الْأَرْضِ بِإِقْرَارِ الْغَرْسِ فِي أَرْضِهِ كَانَ ذَلِكَ مُقَرًّا وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مَا بَقِيَ الْغَرْسُ فِي أَرْضِهِ وَإِنْ مَنَعَ مِنْ إِقْرَارِهِ فِي أَرْضِهِ فَهَلْ يُجْبَرُ صَاحِبُ الْغَرْسِ عَلَى قَلْعِ غَرْسِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يُجْبَرُ عَلَى قَلْعِهِ كَمَا لَا يُجْبَرُ الْمُفْلِسُ - لَوْ كَانَ الْغَرْسُ لَهُ - عَلَى قَلْعِهِ لِأَنَّهُ عِرْقٌ لَيْسَ بِظَالِمٍ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى قَلْعِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُفْلِسُ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَلْعِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُفْلِسَ قَدِ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَى غَرْسٍ نَامٍ وَقَلْعُهُ يُزِيلُ النَّمَاءَ فَلَحِقَهُ بِقَلْعِهِ ضَرَرٌ فَلَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَائِعُ الْغَرْسِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَامِيًا حِينَ كَانَ عَلَى مِلْكِهِ فَلَمْ يَلْحَقْهُ بَعْدَ قِلْعِهِ ضَرَرٌ فَلِذَلِكَ أجبر عليه. والله أعلم.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ كَانَا عَبْدَيْنِ بِمَائَةٍ فَقَبَضَ نِصْفَ الثَّمَنِ وَبَقِيَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ وَهُمَا سَوَاءٌ كَانَ لَهُ نِصْفُ الثَّمَنِ وَنِصْفُ الَّذِي قَبَضَ ثَمَنَ الْهَالِكِ كَمَا لَوْ رَهَنَهُمَا بِمَائَةٍ فَقَبَضَ تِسْعِينَ وَهَلَكَ أَحَدُهُمَا كَانَ الْآخَرُ رَهْنًا بِالْعَشَرَةِ (قَالَ الْمُزَنِيُّ) قلت أنا أَصْلُ قَوْلِهِ أَنْ لَيْسَ الرَّهْنُ مِنَ الْبَيْعِ بسبيل لأن الرهن معنى واحد بمعنى واحد ما بقي من الحق شيء (قال) ولو بقي من ثمن السلعة في التفليس درهم لم يرجع في قوله من السلعة إلا بقدر الدرهم ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ لِنَقْصِ الثَّمَنِ أَوِ المبيع عند فلس المشتري ثلاثة أحوال:

أحدهما: أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْمَبِيعِ قَدْ تَلِفَ وَالثَّمَنُ عَلَى حَالِهِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الثَّمَنِ قَدْ قُبِضَ وَالْمَبِيعُ عَلَى حَالِهِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْمَبِيعِ قَدْ تَلِفَ وَبَعْضُ الثَّمَنِ قَدْ قُبِضَ.

فَأَمَّا الْأَوَّلُ مِنْ أَقْسَامِهِ فَهُوَ أَنْ يُفْلِسَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ دَفْعِ شَيْءٍ مِنَ الثَّمَنِ وَقَدْ تَلِفَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ الْمُبِيعَيْنِ وَبَقِيَ الْآخَرُ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ الْعَبْدَ الْبَاقِيَ بِحِسَابِهِ مِنَ الثَّمَنِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُمَا سَوَاءً أَخَذَهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَضَرَبَ بِالنِّصْفِ الْبَاقِي مِنَ الثَّمَنِ مَعَ الْغُرَمَاءِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُمَا مُخْتَلِفَةً قَسَّطَ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَتِهِمَا وَأَخَذَهُ بِقِسْطِهِ مِنَ الثَّمَنِ وَضَرَبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِبَاقِي الثَّمَنِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>