للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالوصايا بجوز الرُّجُوعُ فِيهَا بِالْقَوْلِ، أَوْ قِيلَ إِنَّهُ كَالْعِتْقِ بِالصِّفَاتِ لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهِ إِلَّا بِالْفِعْلِ، لِأَنَّ الرُّجُوعَ فِي التَّدْبِيرِ إِنَّمَا يَصِحُّ إِذَا كَانَ مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ الْمُدَبِّرِ لَا مِنْ غَيْرِهِ، وَرُجُوعُ الزَّوْجِ فِيهِ يَكُونُ إِبْطَالًا لِلتَّدْبِيرِ مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ فَلَمْ يَجُزْ.

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ يَجُوزُ لِلزَّوْجِ أَنْ يَرْجِعَ بِنِصْفِهِ، إِذَا قِيلَ: إِنَّ التَّدْبِيرَ وَصِيَّةٌ يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهَا بِالْقَوْلِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ بِنِصْفِهِ إِذَا قِيلَ: إِنَّ التَّدْبِيرَ عِتْقٌ بِصِفَةٍ لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهِ إِلَّا بِالْفِعْلِ، فَيَكُونُ حُكْمُ الزَّوْجِ فِي إِبْطَالِهِ مُعْتَبَرًا بِالزَّوْجَةِ.

فَإِذَا تَقَرَّرَتْ هَذِهِ الْأَقَاوِيلُ الثَّلَاثَةُ، فَإِنْ قُلْنَا: لَيْسَ لَهَا الرُّجُوعُ بِنِصْفِهِ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَتِهِ. وَإِذَا قُلْنَا: لَهُ الرُّجُوعُ بِنِصْفِهِ فَلَهُ الْخِيَارُ دُونَهَا بَيْنَ الْمُقَامِ وَالْفَسْخِ لِعِلَّتَيْنِ.

إِحْدَاهُمَا: أَنَّ بَقَاءَ نِصْفِهِ عَلَى التَّدْبِيرِ نَقْصٌ فِي قِيمَتِهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ رُبَّمَا حَاكَمَ مَوْلَاتَهُ إِلَى حَنَفِيٍّ يَرَى لُزُومَ تَدْبِيرِهِ.

فَإِنْ أَقَامَ فَهُوَ حَقُّهُ، وَإِنْ فَسَخَ رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَتِهِ.

فَصْلٌ

فَأَمَّا إِذَا كَاتَبَتْهُ فَلَيْسَ لِلزَّوْجِ الرُّجُوعُ بِنِصْفِهِ، وَلَهُ الرُّجُوعُ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَازِمَةٌ لِلسَّيِّدِ لَا يَجُوزُ لَهُ إِبْطَالُهَا إِلَّا بِالْعَجْزِ.

فَعَلَى هَذَا لَوْ لَمْ يَرْجِعِ الزَّوْجُ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ حَتَّى عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَعَادَ عَبْدًا فَهَلْ يَرْجِعُ الزَّوْجُ بِنِصْفِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَرْجِعُ بِهِ لِوُجُودِهِ فِي مِلْكِهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَرْجِعُ لِأَنَّ حَقَّهُ وَقْتَ الطَّلَاقِ قَدْ كَانَ فِي قِيمَتِهِ.

وَلَكِنْ لَوْ لَمْ يُطَلِّقْهَا إِلَّا بَعْدَ عَجْزِهِ وَعَوْدِهِ إِلَى الرِّقِّ، كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِنِصْفِهِ وَجْهًا وَاحِدًا.

وَلَوْ كَانَتِ الزَّوْجَةُ قَدْ وَهَبَتْهُ أَوْ رَهَنَتْهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَدْ أَقْبَضَتْهُ فِي الرَّهْنِ وَالْهِبَةِ فَالْعَقْدُ فِيهِ لَمْ يَلْزَمْ فِي الرَّهْنِ وَلَا فِي الْهِبَةِ، فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَرْجِعَ بِنِصْفِهِ، وَلَهَا إِقْبَاضُ النِّصْفِ الْآخَرِ فِي الرَّهْنِ وَالْهِبَةِ، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ أَقْبَضَتْهُ فِي الرَّهْنِ وَالْهِبَةِ فَقَدْ خَرَجَ بِالْقَبْضِ فِي الْهِبَةِ مِنْ مِلْكِهَا، فَيَرْجِعُ الزَّوْجُ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ وَقَدْ صَارَ وَثِيقَةً فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ فَلَمْ يَجُزْ إِبْطَالُ وَثِيقَتِهِ فَيَرْجِعُ الزَّوْجُ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ.

فَلَوْ لَمْ يَرْجِعْ بِهَا حَتَّى أَفَكَّتْهُ مِنْ رَهْنِهِ فَفِي رُجُوعِهِ بِنِصْفِهِ وَجْهَانِ: وَهَكَذَا لَوْ بَاعَتْهُ ثُمَّ ابْتَاعَتْهُ، أَوْ وَهَبَتْهُ ثُمَّ اسْتَوْهَبَتْهُ كَانَ فِي رُجُوعِ الزَّوْجِ بِنِصْفِهِ وَجْهَانِ.

وَلَوْ كَانَ قَدْ أَجَّرَتْهُ لَمْ تَمْنَعْ إِجَارَتُهُ مِنْ رُجُوعِ الزَّوْجِ بِنِصْفِهِ، لِأَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ عَلَى مَنْفَعَتِهِ، وَرَقَبَتُهُ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهَا، فَيَكُونُ الزَّوْجُ لِنَقْضِ الْإِجَارَةِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الرُّجُوعِ بِنِصْفِهِ وَالْتِزَامِ الْإِجَارَةِ إِلَى انْقِضَاءِ مُدَّتِهَا، وَبَيْنَ الْعُدُولِ عَنْهُ إِلَى الرُّجُوعِ بنصف قيمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>