للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لَكِ الثُّلُثَانِ مِنْ قَلْبِي ... وَثُلُثَا ثُلُثِهِ الْبَاقِي)

(وَثُلُثَا ثُلُثِ مَا يَبْقَى ... وَثُلُثَ الثُّلُثِ لِلسَّاقِي)

(وَتَبْقَى أسهمٍ ستٍّ ... تُفَرَّقُ بَيْنَ عُشَّاقِي)

فَانْظُرْ إِلَى هَذَا الشَّاعِرِ وَبَلَاغَتِهِ وَتَحْسِينِ عِبَارَتِهِ، كَيْفَ أَغْمَضَ كَلَامَهُ، وَقَسَّمَ قَلْبَهُ، وَجَعْلَهُ مُجَزَّءًا عَلَى أَحَدٍ وَثَمَانِينَ جُزْءًا هِيَ مَضْرُوبُ ثَلَاثَةٍ فِي ثَلَاثَةٍ فِي ثَلَاثَةٍ فِي ثَلَاثَةٍ لِيَصِحَّ مِنْهَا مَخْرَجُ ثُلُثِ ثُلُثِ ثُلُثِ الثُّلُثِ الْبَاقِي، فَجَعَلَ لِمَنْ خَاطَبَهُ أَرْبَعَةً وَسَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ قَلْبِهِ، وَجَعَلَ لِلسَّاقِي جُزْءًا، وَبَقِيَ سِتَّةُ أَجْزَاءٍ يُفَرِّقُهَا فِيمَنْ يُحِبُّ.

وَلَيْسَ لِلْإِغْمَاضِ فِي مُعَاوَضَاتِ الْعُقُودِ وَجْهٌ يُرْتَضَى وَلَا حَالٌ تُسْتَحَبُّ غَيْرَ أَنَّ الْعَقْدَ لَا يُخْرَجُ بِهِ عَنْ حُكْمِ الصِّحَّةِ إِلَى الْفَسَادِ، وَلَا عَنْ حَالِ الْجَوَازِ إِلَى المنع لأنه قد يؤول بِهِمَا إِلَى الْعِلْمِ، وَلَا بِجَهْلٍ عِنْدَ الْحُكْمِ.

وَهَكَذَا لَوْ قَلَبَ رَبُّ الْمَالِ شَرْطَهُ، فَجَعَلَ لِنَفْسِهِ ثُلُثَ الرِّبْحِ، وَثُلُثَيْ مَا يَبْقَى وَجَعْلَ الْبَاقِي لِلْعَامِلِ صَحَّ، وَكَانَ لَهُ سَبْعَةُ أَتْسَاعِهِ، وَلِلْعَامِلِ تُسْعَانِ.

فَلَوْ قَالَ لِي رُبُعُ الرِّبْحِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مَا بَقِيَ وَلَكَ الْبَاقِي صَحَّ، وَكَانَ الرِّبْحُ مَقْسُومًا عَلَى سِتَّةَ عَشَرَ سَهْمًا هِيَ مَضْرُوبَةُ أَرْبَعَةٍ فِي أَرْبَعَةٍ، فَيَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ مِنْهَا اثْنَا عَشَرَ سَهْمًا، وَلِلْعَامِلِ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ.

وَلَوْ قَالَ لِي ثُلُثُ الرِّبْحِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مَا بَقِيَ وَلَكَ الْبَاقِي صَحَّ، وَكَانَ الرِّبْحُ مَقْسُومًا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا هِيَ مَضْرُوبُ ثَلَاثَةٍ فِي أَرْبَعَةٍ، ثُمَّ يَرْجِعُ بِأَنْصَافِهَا إِلَى سِتَّةٍ يَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ مِنْهَا خَمْسَةُ أَسْهُمٍ، وَلِلْعَامِلِ سَهْمٌ وَاحِدٌ.

فَصْلٌ: الْقَوْلُ فِي حصة أحدهما من الربح

إِذَا بَيَّنَ رَبُّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا مِنَ الرِّبْحِ دُونَ الْآخَرِ فَذَلِكَ ضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُصَرِّحَ بِذِكْرِ الْقِرَاضِ عِنْدَ الدَّفْعِ، وَالثَّانِي: أَلَّا يُصَرِّحَ بِذِكْرِهِ.

فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِذِكْرِ الْقِرَاضِ فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يُبَيِّنَ نَصِيبَ نَفْسِهِ أَوْ نَصِيبَ الْعَامِلِ فَإِنْ بَيَّنَ نَصِيبَ نَفْسِهِ فَقَالَ: خُذْ هَذَا الْمَالَ فَاشْتَرِ بِهِ وَبِعْ عَلَى أَنَّ لِي نِصْفَ الرِّبْحِ كَانَ حَرَامًا فَاسِدًا لِأَنَّ لَهُ جَمِيعَ الرِّبْحِ فَلَمْ يَكُنْ فِي ذِكْرِ بَعْضِهِ بَيَانٌ.

فَإِنْ بَيَّنَ نَصِيبَ الْعَامِلِ فَقَالَ عَلَى أَنَّ لَكَ نِصْفَ الرِّبْحِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ وَيَكُونُ قِرَاضًا فَاسِدًا كَمَا لَوْ بَيَّنَ نَصِيبَ نَفْسِهِ لِلْجَهْلِ بِحُكْمِ الْبَاقِي.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَكُونُ قِرَاضًا صَحِيحًا، وَيَكُونُ كَمَا لَوْ بَيَّنَ بَاقِيَ الرِّبْحِ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>