للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَوْلَانِ إِذَا كَانَ الْأَبُ قَدْ وَطِئَهَا بِالزَّوْجِيَّةِ وَالِابْنُ قَدْ وَطِئَهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَيُصَوَّرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ بِحَدِّهِ فَلَزِمَهُمَا فِي الْمَعْنَى.

وأما المحرمات بالعقد تحريم جمع منهن ثلاث: إحداهن الجمع بين الأختين فَإِذَا عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ حَرُمَ عَلَيْهِ أُخْتُهَا وَسَوَاءٌ كَانَتِ الْأُخْتُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ أَوْ لِلْأَبِ أَوْ لِلْأُمِّ فَإِذَا فَارَقَ الَّتِي تَزَوَّجَهَا مِنْهُمَا حَلَّ لَهُ أُخْتُهَا.

وَالثَّانِيَةُ: الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ، وَكَذَلِكَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّةِ أَبِيهَا وَجَدِّهَا وَعَمَّةِ أُمِّهَا وَجَدَّتِهَا ثم على ما ذكرنا، ومن تحريمهما بالاسم أو بمعناهما.

والثالث: الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا وَكَذَلِكَ تَحْرِيمُ الْجَمْعِ بينهما وَبَيْنَ خَالَةِ أُمِّهَا وَجَدَّاتِهَا وَخَالَةِ أَبِيهَا وَأَجْدَادِهَا ثم على ما ذكرنا من تحريمهما بِالِاسْمِ أَوْ بِمَعْنَاهُ.

وَأَمَّا الْمُحَرَّمَاتُ بِالْعَقْدِ تَحْرِيمَ عقد وَبِالدُّخُولِ تَحْرِيمَ تَأْبِيدٍ فَجِنْسٌ وَاحِدٌ، وَهُنَّ الرَّبَائِبُ.

وَالرَّبِيبَةُ بِنْتُ الزَّوْجَةِ فَإِذَا عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ حَرُمَتْ عَلَيْهِ ابْنَتُهَا تَحْرِيمَ جَمْعٍ فَإِذَا دَخَلَ بِالْأُمِّ حَرُمَتْ عَلَيْهِ ابْنَتُهَا تَحْرِيمَ تَأْبِيدٍ وَكَذَلِكَ بِنْتُ بِنْتِهَا وَبِنْتُ ابْنِهَا وَإِنْ سَفُلَتْ تَحْرُمُ بالعقد تحريم جمع، وبالدخول تحريم تأبيد، ثُمَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَحْرِيمِهَا بِالِاسْمِ أو بمعناه.

فإن قيل: لماذا حرمتم بنت الربيبة كالربيبة؟ فَهَلَّا حَرَّمْتُمْ بِنْتَ حَلِيلَةِ الِابْنِ كَالْحَلِيلَةِ.

قُلْنَا: لَا تَحْرُمُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أن بِنْتَ الرَّبِيبَةِ ينطْلقُ عَلَيْهَا اسْمُ الرَّبِيبَةِ فَحُرِّمَتْ كالربيبة وبنت الحليلة لا ينطلق عَلَيْهَا اسْمُ الْحَلِيلَةِ فَلَمْ تُحَرَّمْ.

وَالثَّانِي: هُوَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَعْنَى الْمُعْتَبَرِ فِي تَحْرِيمِ المصاهرة إنما هو يَصِير الزَّوْجُ الْوَاحِدُ قَدْ جَمَعَ بَيْنَ ذِي نَسَبَيْنِ كحليلة الابن مع الأب وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي بِنْتِ الرَّبِيبَةِ فَحُرِّمَتْ كَالرَّبِيبَةِ وَهُوَ غير موجود في بنت الحليلة، لأنه لم يَجْمَعِ الْوَاحِدُ ذَاتَ نَسَبَيْنِ وَلَا اجْتَمَعَ فِي الواحدة ذو نسبين فلم يحرم والله أعلم.

[مسألة]

قال الشافعي: " وحرم الله تعالى الْجَمْعَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الْجَمْعُ بين الأختين فَحَرَامٌ بِنَصِّ الْكِتَابِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَأَمَّا الْجَمْعُ بينهما بملك اليمين وإن جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْمِلْكِ بِالشِّرَاءِ جَازَ، إِذَا لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَهُمَا فِي الِاسْتِمْتَاعِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بالملك التحول دُونَ الِاسْتِمْتَاعِ، وَلِذَلِكَ جَازَ أَنْ يَمْلِكَ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وطئها مِنْ أَخَوَاتِهِ وَعَمَّاتِهِ وَخَالَفَ عَقْدَ النِّكَاحِ الَّذِي مَقْصُودُهُ الِاسْتِمْتَاعُ وَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ أُخْتٍ وَعَمَّةٍ فَلِذَلِكَ بَطَلَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي النِّكَاحِ وَلَمْ يَبْطُلِ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْمِلْكِ، فَأَمَّا إِذَا أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ في الاستمتاع فَيَطَأَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لَمْ يَجُزْ وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>