[مسألة:]
قال الشافعي: " فَمَا جَمَعَ أَنْ يَزْرَعَهُ الْآدَمِيُّونَ وَيُيَبَّسُ وَيُدَّخَرُ ويقتات مأكولاً خبزاً وسويقاً أو بطيخاً ففيه الصدقة وَرُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أخذ الصدقة من الحنطة والشعير والذرة وهذا مما يزرع ويقتات ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ:
إِذَا ثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي الزُّرُوعِ الْمُقْتَاتَةِ فوجوبها معتبر بأربعة شروط:
أَحَدُهَا: أَنْ يَزْرَعَهُ الْآدَمِيُّونَ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُيَبَّسُ بَعْدَ حَصَادِهِ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُدَّخَرُ بَعْدَ يُبْسِهِ.
وَالرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُقْتَاتُ حَالَ ادِّخَارِهِ وَإِنِ اخْتَلَفَ وَجْهُ اقتنائه بخبز أو طبيخ، فَإِذَا اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الشَّرَائِطُ الْأَرْبَعُ فِي زَرْعٍ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ فِيهِ، وَهِيَ تَجْتَمِعُ فِي الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالْعَلْسِ، وَالسُّلْتِ وَالذُّرَةِ وَالْأَرُزِّ والدُّخْنِ وَالْجَاوَرْسِ والباقلي واللوبياء وَالْحِمَّصِ وَالْعَدَسِ وَالْمَاشِ وَالْجُلْبَانِ وَهُوَ كَالْمَاشِ، فَهَذِهِ الأصناف التي تجب فيها الزكاة دون سواها لاجتماع الشرائط فيها.
قال الشافعي: " ويؤخذ من العلس وهو الحنطة، والسُّلْتِ وَالْقَطَنِيَّةِ كُلِّهَا إِذَا بَلَغَ الصِّنْفُ الْوَاحِدُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، وَالْعَلْسُ وَالْقَمْحُ صِنْفٌ واحدٌ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ.
لَا زَكَاةَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحُبُوبِ الْمُزَكَّاةِ إِلَّا أَنْ يَبْلُغَ الصِّنْفُ مِنْهَا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، وَأَوْجَبَ أبو حنيفة الزَّكَاةَ فِي قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ مَعَهُ فِي الثِّمَارِ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَتِهِ، فَإِنْ كَانَ الصِّنْفُ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، فَفِيهِ الزَّكَاةُ إِلَّا الْعَلْسَ فَإِنَّهُ صِنْفٌ مِنَ الْبُرِّ وَعَلَيْهِ قِشْرَتَانِ تَذْهَبُ بِالدِّيَاسِ، إِحْدَاهُمَا وَتَبْقَى الْأُخْرَى لَا تَذْهَبُ إِلَّا أَنْ يُدَقَّ بِالْمِهْرَاسِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَخْبَرَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا مِمَّنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّ القشرة التي عليه مثل ضعفه، فَلَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ حَتَّى يَبْلُغَ عَشْرَةَ أَوْسُقٍ مَعَ قِشْرِهِ، وَقَدْ مَنَعَ أَصْحَابُنَا مِنَ السَّلَمِ فِيهِ وَمِنْ بَيْعِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ، وَأَمَّا الْأَرُزُّ فَعَلَيْهِ قِشْرَتَانِ، الْقِشْرَةُ الْأُولَى الَّتِي لَا يطبخ بها، ولا يؤكل معها لاحتساب بها كقشرة العلس التي لا يطبخ بِهَا وَالْقِشْرَةُ السُّفْلَى الْحَمْرَاءُ اللَّاصِقَةُ بِهِ، فَقَدْ كَانَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ يَجْعَلُهَا كَقِشْرَةِ الْعَلْسِ لَا يُحْتَسَبُ بِهَا، وَلَا يَجْعَلُ فِيهِ الزَّكَاةَ حَتَّى يَبْلُغَ عَشْرَةَ أَوْسُقٍ.
وَقَالَ سَائِرُ أَصْحَابِنَا: لَا تَأْثِيرَ لِهَذِهِ الْقِشْرَةِ، وَإِذَا بلغ خمسة أوسق وجبت في الزَّكَاةُ، لِالْتِصَاقِ هَذِهِ الْقِشْرَةِ بِهَا، وَإِنَّهُ رُبَّمَا طُحِنَ مَعَهَا بِخِلَافِ قِشْرَةِ الْعَلْسِ الْجَافِيَةِ عَنْهَا، وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِطَحْنِهَا مَعَهُ، وَأَمَّا الذُّرَةُ الْبَيْضَاءُ وَالْحَمْرَاءُ فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute