للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّلِيمَةِ كَجَمَالِ الشَّلَّاءِ فَفِيهِمَا إِذَا شُلَّتْ بِجِنَايَتِهِ الدِّيَةُ، لِذَهَابِ الْمَنْفَعَةِ، وَلَوْ قَطَعَهُمَا بَعْدَ الشَّلَلِ كَانَ فِيهِمَا حُكُومَةٌ لِذَهَابِ الْجَمَالِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: مَا يَبْقَى بَعْدَ الشَّلَلِ الْجَمَالُ وَالْمَنْفَعَةُ عَلَى نَقْصٍ فِيهِمَا كَاسْتِحْشَافِ الْأُذُنَيْنِ وَالْأَنْفِ، لِأَنَّ الْأُذُنَيْنِ بَعْدَ اسْتِحْشَافِهِمَا تَجْمَعُ الصَّوْتَ، وَالْأَنْفَ بَعْدَ اسْتِحْشَافِهِ يَجْذِبُ الرَّوَائِحَ الْمَشْمُومَةَ فَفِيهِمَا إِذَا جَنَى عَلَيْهِمَا فَاسْتَحْشَفَتَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: الدِّيَةُ كَامِلَةٌ كَغَيْرِهَا مِنَ الْأَعْضَاءِ إِذَا شُلَّتْ. وَالثَّانِي: حُكُومَةٌ لِبَقَاءِ الْجَمَالِ وَالْمَنْفَعَةِ، وَلَوْ قَطَعَهُمَا بَعْدَ الِاسْتِحْشَافِ كَانَ عَلَى قَوْلَيْنِ أَيْضًا: أَحَدُهُمَا: فِيهِمَا الدِّيَةُ إِذَا قِيلَ فِي اسْتِحْشَافِهِمَا حُكُومَةٌ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: فِيهِمَا حُكُومَةٌ إِذَا قِيلَ فِي اسْتِحْشَافِهِمَا الدِّيَةُ.

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " وَكُلُّ جُرْحٍ لَيْسَ فِيهِ أَرْشٌ مَعْلُومٌ حُكُومَةٌ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: هَذَا صَحِيحٌ، وَهُوَ مَا دُونَ الْمُوضِحَةِ فِي شِجَاجِ الرَّأْسِ وَمَا دُونَ الْجَائِفَةِ فِي جِرَاحِ الْجَسَدِ فَفِيهَا حُكُومَةٌ تَتَقَدَّرُ بِالِاجْتِهَادِ بِحَسَبِ الْأَلَمِ وَالشَّيْنِ لَا يَبْلُغُ بِمَا فِي شِجَاجِ الرَّأْسِ دِيَةَ الْمُوضِحَةِ، وَلَا مِمَّا فِي جِرَاحِ الْبَدَنِ دِيَةَ الْجَائِفَةِ، لِأَنَّ الْمُوضِحَةَ أَغْلَظُ مِمَّا تَقَدَّمَهَا وَالْجَائِفَةَ أَجْوَفُ مِمَّا دُونَهَا فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَبْلُغَ بِالْأَقَلِّ دِيَةَ الْأَكْثَرِ.

(مَسْأَلَةٌ)

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَفِي شَعْرِ الرَّأْسِ وَالْحَاجِبَيْنِ وَاللِّحْيَةِ وَأَهْدَابِ الْعَيْنَيْنِ فِي كُلِّ ذَلِكَ حُكُومَةٌ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا قَالَهُ رَدًّا عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ، لِأَنَّهُ أَوْجَبَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الشُّعُورِ الْأَرْبَعَةِ الدِّيَةَ تَامَّةً، وَأَوْجَبَ الشَّافِعِيُّ فِي جَمِيعِهَا حُكُومَةً تَتَقَدَّرُ بِحَسَبِ الشَّيْنِ، وَلَمْ يُوجِبْ فِيهَا الدِّيَةَ؛ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ فِيمَا يَكُونُ لَهُ مَعَ الْجَمَالِ مَنْفَعَةٌ، وَهَذَا مَسْلُوبُ الْمَنْفَعَةِ فَلَمْ تَجِبْ فِيهِ الدِّيَةُ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ فِيمَا يُؤْلِمُ قَطْعُهُ وَيُخَافُ سِرَايَتُهُ، وَقَدْ عُدِمَ فِي الشَّعْرِ الْأَلَمُ وَالسِّرَايَةُ فَلَمْ يَجِبْ فِيهِ دِيَةٌ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَخْلُ حَالُ الشَّعْرِ الْمَأْخُوذِ مِنَ الْجَسَدِ مِنْ ثَلَاثَةِ أقسام:

<<  <  ج: ص:  >  >>