وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا فِي الزَّيْتِ الْمُخْتَلِطِ بِقِيمَةِ زَيْتِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْخُذَ من قدر مكيلة لنقصه، ويكون له ثلثاه عَلَى مَا مَضَى فَإِنْ طَلَبَ الْقِسْمَةِ كَانَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ:
فَصْلٌ
: فَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ يَخْلِطَ الزَّيْتَ بِغَيْرِ زَيْتٍ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَتَمَيَّزُ عَنْهُ كَالْعَسَلِ فيؤخذ الغاصب باستخراجه وأرش ما نَقص مِنْ قِيمَتِهِ وَمِثْلِ مَا نَقَصَ مِنْ ملكيته.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَخْلِطَهُ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ كَالشَّيْرَجِ وَالْبَانِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ ها هنا أَنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَهْلَكًا لِعَدَمِ تَمَيُّزِهِ وَيَغْرَمُ لَهُ مِثْلَ مَكِيلَتِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا فِيهِ بِقِيمَةِ زَيْتِهِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ الْمَغْصُوبُ صَاعًا مِنْ زَيْتٍ يُسَاوِي خَمْسَةً مُخَلَّطَةً بِصَاعٍ مِنْ بَانٍ يُسَاوِي عَشَرَةً فَيَكُونُ لَهُ ثُلُثُ ثَمَنِهَا إِنْ كَانَ الثُّلُثُ خَمْسَةً فَصَاعِدًا وَإِنْ نَقَصَ بِالِاخْتِلَاطِ مِنَ الْخَمْسَةِ رَجَعَ بِقَدْرِ النَّقْصِ فَإِنْ طَلَبَ الْقِسْمَةَ لِيَأْخُذَ ثُلُثَ الْجُمْلَةِ فَهُمَا جنسان فيخرج من اقْتِسَامِهِمَا بِهِ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي الْقِسْمَةِ هَلْ هِيَ بَيْعٌ أَوْ تَمْيِيزُ نَصِيبٍ؟ فَإِنْ قِيلَ إِنَّهَا بَيْعٌ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ اخْتِلَاطَ الزَّيْتِ بِغَيْرِهِ يُفْضِي إِلَى التَّفَاضُلِ وَإِنْ قِيلَ إِنَّهَا تَمْيِيزُ نَصِيبٍ جَازَ وَاللَّهُ أعلم بالصواب.
[مسألة]
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَلَوْ أَغْلَاهُ عَلَى النَّارِ أَخَذَهُ وَمَا نَقَصَتْ مَكِيلَتُهُ أَوْ قِيمَتُهُ ".
قال الماوردي: وصورتها في من غَصَبَ زَيْتًا فَأَغْلَاهُ بِالنَّارِ فَلَا يَخْلُو حَالُهُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ.
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ عَلَى حَالَتِهِ لَمْ يَنْقُصْ مِنْ مَكِيلَتِهِ وَلَا مِنْ قِيمَتِهِ فَيَرْجِعُ بِهِ الْمَغْصُوبُ وَيَبْرَأُ مِنْهُ الْغَاصِبُ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَنْقُصَ مِنْ مَكِيلَتِهِ دُونَ قِيمَتِهِ مِثْلَ أَنْ يَغْصِبَ مِنْهُ عَشَرَةَ آصُعٍ مِنْ زَيْتٍ يُسَاوِي كُلُّ صَاعٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فَيَرْجِعُ إِلَى سَبْعَةِ آصُعٍ يُسَاوِي كُلُّ صَاعٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَكِيلَةِ مَا نَقَصَ وَذَلِكَ بِثَلَاثَةِ آصُعٍ فَلَوْ كَانَ قَدْ زَادَ فِي قِيمَةِ الْمَغْلِيِّ الْبَاقِي بِمِثْلِ قِيمَةِ مَا نَقَصَ مِنَ الْآصُعِ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَسْقُطْ عَنِ الْغَاصِبِ غُرْمُ الْمَكِيلَةِ النَّاقِصَةِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَا يَمْلِكُهَا الْغَاصِبُ فَيَكُونُ قِصَاصًا.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَنْقُصَ مِنْ قِيمَتِهِ دُونَ مَكِيلَتِهِ، مِثْلَ أَنْ تَكُونَ الْآصُعُ الْعَشَرَةُ عَلَى مَكِيلَتِهَا لَكِنْ تَعُودُ قِيمَةُ كُلِّ صَاعٍ بَعْدَ غَلْيِهِ بِالنَّارِ إِلَى أَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ نُقْصَانُهُ مُنْتَهِيًا لَا يَحْدُثُ بَعْدَهُ نَقْصٌ آخر غيره فهذا يسترجع من الغاصب مغلي مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ فِي كُلِّ صَاعٍ وَهُوَ دِرْهَمٌ فَيَرْجِعُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ.