رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ فِي أَهْلِ الرِّدَّةِ: " وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا مِمَّا أَدَّوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَيْهِ " وَبِإِجْمَاعِنَا وأبي حنيفة أن العناق لا يؤدى فِي الزَّكَاةِ مِنْ مَالٍ فِيهِ كِبَارٌ، فَثَبَتَ أَنَّ ذَلِكَ مُؤَدًّى مِنَ الصِّغَارِ، ثُمَّ قَالَ هَذَا بِحَضْرَةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فَكُلٌّ رَجَعَ إِلَى قَوْلِهِ فَثَبَتَ إِجْمَاعُهُمْ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ كُلَّ جُمْلَةٍ ثَبَتَ لَهَا حُكْمُ الْحَوْلِ لَمْ يَكُنْ مَوْتُ بَعْضِهَا مَعَ بَقَاءِ النِّصَابِ مُوجِبًا لِبُطْلَانِ الْحَوْلِ.
أَصْلُهُ: مَوْتُ السِّخَالِ وَلِأَنَّ كُلَّ وَلَدٍ حُكِمَ لَهُ بِحُكْمِ الْأُمِّ لَمْ يَبْطُلْ حُكْمُهُ بِمَوْتِ الْأُمِّ، أَصْلُهُ وَلَدُ الْأُضْحِيَةِ، وَوَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ، فَأَمَّا حَدِيثُ الشَّعْبِيِّ فَرِوَايَةُ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ وَكَانَ مَنْسُوبًا إِلَى الْقَوْلِ بِالرَّجْعَةِ وَالتَّنَاسُخِ مَعَ مُظَاهَرَتِهِ بسبب السَّلَفِ الصَّالِحِ، ثُمَّ مَعَ هَذَا فَالْحَدِيثُ مُرْسَلٌ عَلَى أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنْ لَا زَكَاةَ فِيهَا قَبْلَ الْحَوْلِ فَرْقًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الثِّمَارِ الَّتِي لَا تَفْتَقِرُ إِلَى حَوْلٍ، وَإِنْ كَانَا جَمِيعًا نَمَاءً.
وَأَمَّا قَوْلُهُ " لَيْسَ فِي رَاضِعِ لَبَنٍ شَيْءٌ " يَعْنِي إِذَا انْفَرَدَتْ عَنْ أُمَّهَاتِهَا بِدَلِيلِ مَا ذَكَرْنَا، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنَّهَا تَبَعٌ فَيُقَالُ لَهُمْ هِيَ تَبَعٌ فِي الِابْتِدَاءِ جَارِيَةٌ مَجْرَى الْأَصْلِ فِي الِانْتِهَاءِ، ثُمَّ يَفْسُدُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بِوَلَدِ الْأُضْحِيَةِ، وَوَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ وَأَمَّا قياسهم بفضل السِّنِّ عَلَى نُقْصَانِ الْعَدَدِ فَقَدْ رَضِينَا بِقِيَاسِهِمْ حَكَمًا عَلَيْنَا وَعَلَيْهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّ زِيَادَةَ السِّنِّ لَا تُؤَثِّرُ فِي زِيَادَةِ الْفَرْضِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ حِقَّةً كَمَا لَوْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ جَذَعَةً فِي اسْتِوَاءِ فَرْضِهِمَا، وَلَا يكون زيادة من الْجِذَاعِ مُوجِبًا لِزِيَادَةِ الْفَرْضِ فِيهَا فَلَمَّا لَمْ تكن لزيادة السن في زيادة الفرض تأثير وَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ لِنُقْصَانِ السِّنِّ تَأْثِيرٌ في إسقاط الفرض، والعدد بخلاف هذا، إنه يُؤَثِّرُ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
فَصْلٌ
: فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ مَوْتَ الْأُمَّهَاتِ لَا يبطل حق السخال، فزكاتها بعد حول أمهاتها مأخوذ مِنْهَا، وَلَا يُكَلَّفُ إِخْرَاجَ الزَّكَاةِ مِنَ الْكِبَارِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا كِبَارٌ وَبِهِ قَالَ أبو يوسف.
وَقَالَ مَالِكٌ لَا آخُذُ الزَّكَاةَ إِلَّا كَبِيرًا، وَلَا يَجُوزُ إِخْرَاجُ السِّخَالِ بِحَالٍ تَعَلُّقًا بِقَوْلِ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: أَتَانَا مُصَدِّقُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَ: " نُهِينَا عَنْ رَاضِعِ لَبَنٍ وَإِنَّمَا حَقُّنَا فِي الْجَذَعَةِ وَالثَّنِيَّةِ " وَبِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِسَاعِيهِ: " اعْتَدَّ عَلَيْهِمْ بِالسَّخْلَةِ يَرُوحُ بِهَا الراعي ولا تأخذها " ولأنه لو كان له ما قال كِرَامَ السِّنِّ وَفَوْقَ الْجِذَاعِ وَالثَّنَايَا لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهَا رِفْقًا بِرَبِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute