يَكُونُ بَاطِلًا، قِيَاسًا عَلَيْهِ إِذَا قَالَ ضَمِنْتُ بَعْضَ مَالِكَ عَلَى فُلَانٍ، فَأَمَّا الدَّرَكُ فَهُوَ ضَمَانٌ وَاجِبٌ مَعْلُومٌ، لِأَنَّهُ يُوجِبُ ضَمَانَ الْحَقِّ وَالْحَقُّ مَعْلُومٌ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُ مَا يُسْتَحَقُّ فِي الثَّانِي مِنْ كُلِّ الْمَبِيعِ أَوْ بَعْضِهِ.
(فَصْلٌ)
فَأَمَّا إِذَا قَالَ قَدْ ضَمِنْتُ لَكَ مَا تُدَايِنُ بِهِ فُلَانًا، أَوْ مَا تُبَايِعُ بِهِ فُلَانًا مِنْ دِرْهَمٍ إِلَى مِائَةٍ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ تَخْرِيجًا مِنْ تَجْوِيزِهِ ضَمَانِ نَفَقَةِ الزوجات على قول فِي الْقَدِيمِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الرِّفْقِ بِالنَّاسِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ أَنَّهُ ضَمَانٌ بَاطِلٌ، لِأَنَّهُ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ وَلَا يَصِحُّ تَخْرِيجُهُ مِنْ ضَمَانِ نَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ لِأَنَّهُ فِي الْقَدِيمِ كَانَ يَرَى وُجُوبَهَا بِالْعَقْدِ فَصَارَ ضَمَانُ مَا قَدْ وَجَبَ، وَهَذَا ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ.
(فَصْلٌ)
فَأَمَّا إِذَا قَالَ هَذَا وَكِيلِي وَعَلَيَّ ضَمَانُ كُلِّ مَا تُعْطِيهِ أَوْ تُبَايِعُهُ، صَحَّ وَلَزِمَهُ ضَمَانُ كُلِّ مَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ فِي مُبَايَعَتِهِ وَعَطَائِهِ، وَلَيْسَ لُزُومُ هَذَا مِنْ جِهَةِ الضَّمَانِ فَيَبْطُلَ بِالْجَهَالَةِ لَكِنْ لَمَّا جَعَلَهُ وَكِيلَهُ صَارَتْ يَدُهُ كَيْدِهِ فَلَوِ ادَّعَى الْمَضْمُونُ لَهُ مِنَ الْمُبَايَعَةِ وَالْعَطَاءِ مَا اعْتَرَفَ بِهِ الْوَكِيلُ وَأَنْكَرَهُ الْمُوَكِّلُ الضَّامِنُ وَلَمْ يُقِمْ لَهُ بَيِّنَةً فَفِيهِ وَجْهَانِ،
أَحَدُهُمَا: لَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ حَتَّى تَقُومَ لَهُ بَيِّنَةٌ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقْبَلُ قَوْلُ وَكِيلِهِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَيْهِ قَدْ أَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ.
وَأَمَّا إِذَا قَالَ لَهُ: أَقْرِضْ زَيْدًا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَعَلَيَّ ضَمَانُهَا فَفِيهِ وَجْهَانِ،
أَحَدُهُمَا: بَاطِلٌ لِأَنَّهُ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ بَعْدُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ جَائِزٌ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ مُقْتَرِنٌ بِالْقَرْضِ فَصَحَّ اجْتِمَاعُهُمَا.
(فَصْلٌ)
فَأَمَّا إِذَا قَبَضَ رَجُلٌ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ، فَضَمِنَ ضَامِنٌ نَقْصَهَا فِي الْوَزْنِ، أَوْ فِي الصِّفَةِ، صَحَّ وَجَرَى هَذَا مَجْرَى ضَمَانِ الدَّرَكِ، وَخَرَجَ مِنْ بَابِ ضَمَانِ الْمَجْهُولِ وَمَا لَمْ يَجِبْ.
وَإِذَا صَحَّ أَنَّ ضَمَانَ ذَلِكَ جَائِزٌ، فَلَا يَخْلُو حَالُ الضَّمَانِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَحْوَالٍ،
أَحَدُهَا: أَنْ يَضْمَنَ لَهُ نَقْصَ الْوَزْنِ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ فَلَوِ ادَّعَى الْقَابِضُ أَنَّهَا نَقَصَتْ عَلَيْهِ مِائَةَ دِرْهَمٍ، فَإِنْ صَدَّقَهُ الدَّافِعُ وَالضَّامِنُ، كَانَ بِالْخِيَارِ فِي الرُّجُوعِ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنَ الدَّافِعِ أَوِ الضَّامِنِ، وَإِنْ كَذَّبَاهُ جَمِيعًا كَانَ قَوْلُهُ مَقْبُولًا عَلَى الدَّافِعِ مَعَ يَمِينِهِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ دَيْنِهِ مَا لَمْ يُقِرَّ بِقَبْضِهِ، فَإِذَا حَلَفَ اسْتَحَقَّ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِالنَّقْصِ وَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَى الضَّامِنِ حَتَّى