زَمَانٌ يُمْكِنُ فِيهِ بُلُوغُهُمْ فَجَرَى حُكْمُهُ لِتَغْلِيظِ حُكْمِ الْعَوْرَاتِ، فَأَمَّا الْغُلَامُ فِيمَا بَيْنَ السَّبْعِ وَالْعَشْرِ، وَالْجَارِيَةُ فِيمَا بَيْنَ السَّبْعِ وَالتِّسْعِ يَحْرُمُ النَّظَرُ إِلَى فَرْجِهَا وَيَحِلُّ فِيمَا سِوَاهُ
(مَسْأَلَةٌ)
: فقال الشافعي رضي الله عنه: " وَكُلُّ ثَوْبٍ يَصِفُ مَا تَحْتَهُ وَلَا يَسْتُرُ لَمْ تَجُزِ الصَّلَاةُ فِيهِ "
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صحيح
والثياب كلها على ثلاث أَضْرُبٍ:
أَحَدُهَا: مَا يُسْتَحَبُّ لُبْسُهُ لِلنِّسَاءِ وَلِلرِّجَالِ فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ كُلُّ ثَوْبٍ صَفِيقٍ لَا يَصِفُ مَا تَحْتَهُ كَالْمِئْزَرِ وَالْوُذَارَةِ
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: مَا لَا يَجُوزُ لُبْسُهُ فِي الصَّلَاةِ لِلنِّسَاءِ وَلَا لِلرِّجَالِ وَهُوَ كُلُّ ثَوْبٍ خَفِيفٍ يَصِفُ لَوْنَ مَا تَحْتَهُ مِنْ بَيَاضٍ، أَوْ سَوَادٍ كَالشُّرُبِ، أَوِ التَّوْرِيِّ
وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: مَا يَجُوزُ لُبْسُهُ لِلرِّجَالِ وَيُكْرَهُ لُبْسُهُ لِلنِّسَاءِ فَإِنْ لَبِسْنَهُ جَازَ، وَهُوَ كُلُّ ثَوْبٍ نَاعِمٍ يَصِفُ لِينَ مَا تَحْتَهُ وَخُشُونَتَهُ وَيَصِفُ لَوْنَهُ كَالدَّبِيقِيِّ، وَالنَّهْرِيِّ
(فَصْلٌ)
: فَأَمَّا الْعُرْيَانُ إِذَا لَمْ يَجِدْ ثَوْبًا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ فِي صَلَاتِهِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى لباس ظاهر مِنْ جُلُودٍ أَوْ فَرًى لَبِسَهُ وَصَلَّى، وَكَذَا لَوْ وَجَدَ وَرَقَ شَجَرٍ يَخْصِفُهُ عَلَى نَفْسِهِ صَلَّى، وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ وَجَدَ طِينًا، وَكَانَ ثَخِينًا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ وَيُغَطِّي الْبَشَرَةَ لَزِمَهُ تطيين عورته، [وإن لم يفعل بطلت صَلَاتُهُ] ، وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا لَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ، وَلَكِنْ يُغَيِّرُ لَوْنَ الْبَشْرَةِ فَالْمُسْتَحَبُّ لَهُ تَطْيِينُ عَوْرَتِهِ، وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ فَلَوْ وَجَدَ ثَوْبًا يُوَارِي بَعْضَ عَوْرَتِهِ لَزِمَهُ الِاسْتِتَارُ بِهِ وَسَتْرُ قُبُلِهِ أَوْلَى مِنْ دُبُرِهِ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقُبُلَ لَا يَسْتُرُهُ شَيْءٌ، وَالدُّبُرَ يَسْتُرُهُ الْإِلْيَتَانِ
وَالثَّانِي: أَنَّ الْقُبُلَ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةِ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ سَتْرُ الدُّبُرِ أَوْلَى الفحش ظُهُورِهِ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهَا صَلَّى عُرْيَانًا قَائِمًا، وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، فَإِنْ صَلَّى جَالِسًا فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ
وَقَالَ أبو حنيفة: هُوَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ صَلَّى قَائِمًا، وَإِنْ شَاءَ صَلَّى قَاعِدًا، وَهُوَ أَوْلَى بِهِ لِأَنَّ قُعُودَهُ أَسْتَرُ لِعَوْرَتِهِ، وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ أَوْكَدُ مِنَ الْقِيَامِ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: سُقُوطُ الْقِيَامِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فِي النَّوَافِلِ، وَوُجُوبُ سَتْرِ الْعَوْرَةِ فِي الفرائض والنوافل