للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقْتِ الْعَقْدِ، وَيَكُونُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ دَاخِلًا فِيهِ، لِأَنَّهُ لَوِ اعْتُبِرَ ابْتِدَاؤُهُ مِنْ بَعْدِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ، لَأَفْضَى إِلَى الْجَهَالَةِ فِي ابْتِدَائِهِ وَانْتِهَائِهِ بِجَهَالَةِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ، وَإِذَا كَانَ خِيَارُ الشَّرْطِ مَجْهُولًا، لَمْ يَجُزْ، فَاعْتُبِرَ ابْتِدَاؤُهُ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ فَيَكُونُ مَعْلُومًا. فَيَجُوزُ.

فَعَلَى هَذَا إِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ مُضِيِّ الثَّلَاثِ ثَبَتَ خِيَارُ الثَّلَاثِ، ولم يكن خيار الْمَجْلِسِ تَأْثِيرٌ، وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى مَضَتِ الثَّلَاثُ، ثَبَتَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ، وَلَمْ يَكُنْ لِخِيَارِ الثَّلَاثِ تَأْثِيرٌ.

فَصْلٌ:

فَإِذَا كَانَ زَمَانُ الْخِيَارِ بَاقِيًا، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَسْخُ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ صَاحِبِهِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَإِلَيْهِ رَجَعَ أبو يوسف.

وَقَالَ أبو حنيفة ومحمد: لَا يَجُوزُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُ الْبَيْعِ إِلَّا بِحُضُورِ صَاحِبِهِ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّهُ فَسْخُ عَقْدٍ، فلم يصح بِحُضُورِ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ كَالْإِقَالَةِ.

وَلِأَنَّ الْفَسْخَ يُوجِبُ انْتِقَالَ الْمِلْكِ، كَمَا أَنَّ الْعَقْدَ يُوجِبُ انْتِقَالَ الْمِلْكِ، فَلَمَّا كَانَ الْعَقْدُ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِهِمَا، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْفَسْخُ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِحُضُورِهِمَا.

وَدَلِيلُنَا: مَا رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَعَلَ لِحِبَّانَ الْخِيَارَ ثَلَاثًا وَقَالَ: " قُلْ: لَا خِلَابَةَ فِي الْإِسْلَامِ " وَلَمْ يُشْتَرَطْ فِي خِيَارِهِ حُضُورُ صَاحِبِهِ، فَدَلَّ عَلَى اسْتِوَاءِ حُكْمِهِ.

وَلِأَنَّهُ اخْتِيَارُ فَسْخِ الْبَيْعِ فِي مُدَّةِ خِيَارِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَنْفَسِخَ، أَصْلُهُ إِذَا كَانَ بِحُضُورِ صَاحِبِهِ. وَلِأَنَّهُ مَعْنًى يَقْطَعُ الْخِيَارَ، فَوَجَبَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ شَرْطِهِ رِضَا الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَنْ لَا يَفْتَقِرَ إِلَى حُضُورِهِمَا.

أَصْلُهُ إِجَازَةُ الْبَيْعِ.

وَلِأَنَّ كُلَّمَا كَانَ فَسْخًا بِحُضُورِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، كَانَ فَسْخًا بِغَيْبَةِ أَحَدِهِمَا كَوَطْءِ الْبَائِعِ وَقُبْلَتِهِ لِلْجَارِيَةِ الْمَبِيعَةِ.

وَلِأَنَّ كُلَّ مَنْ لَمْ يَفْتَقِرْ رَفْعُ الْعَقْدِ إِلَى رِضَاهُ، لَمْ يَفْتَقِرْ رَفْعُ الْعَقْدِ إِلَى حضوره، كالزوج في طلاق امرأته طردا والإقالة عَكْسًا.

وَفِيهِ انْفِصَالٌ عَنِ الِاسْتِدْلَالَيْنِ:

لِأَنَّهُ لَمَّا افْتَقَرَ الْعَقْدُ وَالْإِقَالَةُ إِلَى رِضَاهُمَا، افْتَقَرَ إِلَى حُضُورِهِمَا، وَلَمَّا لَمْ يَفْتَقِرِ الْفَسْخُ إِلَى رِضَاهُمَا، لَمْ يَفْتَقِرْ إِلَى حُضُورِهِمَا.

فَصْلٌ:

إِذَا وَكَّلَ رَجُلًا فِي بَيْعِ شَيْءٍ أَوِ ابْتِيَاعِ شَيْءٍ، فَهَلْ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَشْتَرِطَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ خِيَارَ الثَّلَاثِ مِنْ غَيْرِ إِذْنِ الْمُوَكِّلِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>