إِخْرَاجُ زَكَاتِهِ كَامِلَةً، وَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَ الْإِمْكَانِ لم يضمن ما تلف، فاعتبر مَا بَقِيَ، فَإِنْ كَانَ نِصَابًا زَكَّاهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ فَعَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
وَالثَّانِي: عَلَيْهِ مِنَ الزَّكَاةِ بِقِسْطِ مَا بَقِيَ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي الإمكان.
[مسألة:]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وإذا أَخَذَ الْوَالِي مِنْ رَجُلٍ زَكَاتَهُ بِلَا نِيَّةٍ في دفعها إليه أَجْزَأَتْ عَنْهُ كَمَا يُجْزِئُ فِي الْقَسْمِ لَهَا أَنْ يَقْسِمَهَا عَنْهُ وَلِيُّهُ أَوِ السُّلْطَانُ وَلَا يَقْسِمُهَا بِنَفْسِهِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا إِيجَابَ النِّيَّةِ فِي دَفْعِ الزَّكَاةِ، فَإِذَا ثَبَتَ وَجُوبُهَا فَلَا يَخْلُو حَالُ رَبِّ الْمَالِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ، إِمَّا أَنْ يَدْفَعَهَا طَوْعًا، أَوْ تُؤْخَذَ مِنْ مَالِهِ كَرْهًا، فَإِنْ دَفَعَهَا طَوْعًا فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:
إِمَّا أَنْ يُفَرِّقَهَا بِنَفْسِهِ، أَوْ يدفعها إلى وكيله ليدفعها عَنْهُ، أَوْ يَدْفَعَهَا إِلَى الْوَالِي، فَإِنْ فَرَّقَهَا بِنَفْسِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ عِنْدَ دَفْعِهَا، أو عند عزلها على الوجهين الماضين فإن لم ينو لم يجزه، فإن دفعها إلى وكيله فلها أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ:
إِمَّا أَنْ يَنْوِيَا مَعًا، أَوْ لَا يَنْوِيَا أَوْ يَنْوِيَ الْمُوَكِّلُ دُونَ الْوَكِيلِ، أَوْ يَنْوِيَ الْوَكِيلُ دُونَ الْمُوَكِّلِ، فَإِنْ نَوَيَا مَعًا فَنَوَى الْمُوَكِّلُ عِنْدَ دَفْعِهَا إِلَى الْوَكِيلِ، وَنَوَى الْوَكِيلُ عِنْدَ تَفْرِيقِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ أَجْزَأَتْهُ الزكاة، وإن لم ينويا ولأحد مِنْهُمَا لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ عَنْ زَكَاتِهِ، لِفَقْدِ النية، وإن دفعها يحتمل أن يكون فَرْضًا وَنَفْلًا، وَإِنْ نَوَى الْمُوَكِّلُ دُونَ الْوَكِيلِ ففي إجزائهما وجهان:
أحدهما: لا يجزئه، وَهُوَ قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ مَحَلَّ النِّيَّةِ عند الدفع والتفرقة.
والثاني: يجزئه، وَهُوَ قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ مَحَلَّ النِّيَّةِ عند العزل وهو أصح الوجهين، لأن الكل قد أَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ النِّيَابَةِ فِي تَفْرِيقِ الزَّكَاةِ، فَلَوْ كُلِّفَ الْمُوَكِّلُ النِّيَّةَ عِنْدَ تَفْرِقَةِ الْوَكِيلِ لَشَقَّ عَلَيْهِ، وَأَدَّاهُ إِلَى الْمَنْعِ مِنَ الِاسْتِنَابَةِ، وَإِنْ نَوَى الْوَكِيلُ دُونَ الْمُوَكِّلِ لَمْ يُجْزِهِ، لِأَنَّ دَفْعَهُ إِلَى الْوَكِيلِ قَدْ يَكُونُ فَرْضًا وَنَفْلًا، فَافْتَقَرَ إِلَى نِيَّةٍ يُفَرِّقُ بِهَا بَيْنَ الدفعين، وإن رفعها إلى الأمام فلها أيضاً أربعة أحوال:
أحداها: أن ينويا جميعاً فيجزئه.
وَالثَّانِي: أَنْ يَنْوِيَ رَبُّ الْمَالِ دُونَ الْإِمَامِ فيجزئه وجهاً واحداً، لأن يد الإمام يد للمساكين.