يُمْكِنْهُ الرَّمْيُ بِنَفْسِهِ لِمَرَضٍ بِهِ أَنْ يُنَاوِلَ الْحَصَى لِمَنْ يَرْمِي عَنْهُ لِيَكُونَ لَهُ فِعْلُ الرَّمْيِ فَإِنْ لَمْ يُنَاوِلْهُ حَتَّى رَمَى عَنْهُ أَجْزَأَهُ وَإِنَّمَا أَجْزَأَهُ أَنْ يَرْمِيَ عَنْهُ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَتِ النِّيَابَةُ عَنْهُ فِي أَصْلِ الْحَجِّ فَجَوَازُهَا فِي أَبْعَاضِهِ أَوْلَى فَإِنْ رَمَى عَنْهُ ثُمَّ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى أَجْزَأَهُ الرَّمْيُ وَإِنْ صَحَّ فِي أَيَّامِ مِنًى وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْمِيَ مَا بَقِيَ مِنَ الرَّمْيِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُعِيدَ مَا رُمِيَ عَنْهُ لِيَكُونَ مُبَاشِرًا لَهُ فِي وَقْتِهِ وَلَا يَجِبَ عَلَيْهِ لِسُقُوطِ الرَّمْيِ عَنْهُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ.
فَصْلٌ
: فَأَمَّا الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِي الرَّمْيِ عَنْهُ قَبْلَ إِغْمَائِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَرْمِيَ عَنْهُ لِأَنَّهُ حَيٌّ وَالنِّيَابَةُ فِي أَفْعَالِ الْحَجِّ عَنِ الْحَيِّ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِنْ أَذِنَ فِي إِغْمَائِهِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لَهُ لِأَنَّهُ وَإِنْ أَذِنَ قَبْلَ إِغْمَائِهِ لَمْ يَخْلُ حَالُهُ حِينَ أَذِنَ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُطِيقًا لِلرَّمْيِ أَوْ عَاجِزًا عَنْهُ فَإِنْ كَانَ حِينَئِذٍ مُطِيقًا لِلرَّمْيِ لَمْ يُجْزِ الرَّمْيُ عَنْهُ لِأَنَّ الْمُطِيقَ لَا تَصِحُّ النِّيَابَةُ عَنْهُ فَلَمْ يَصِحَّ الْإِذْنُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ حينئذٍ عَاجِزًا عَنِ الرَّمْيِ بِهُجُومِ الْمَرَضِ قَبْلَ تَمَكُّنِ الْإِغْمَاءِ أَجْزَأَ الرَّمْيُ عَنْهُ لِفِعْلِهِ عَنْ إِذْنِ مَنْ يَصِحُّ الْإِذْنُ مِنْهُ.
: فَأَمَّا الْمَحْبُوسُ بِحَقٍّ أَوْ غَيْرِ حَقٍّ إِذَا أَذِنَ فِي الرَّمْيِ عَنْهُ أَجْزَأَهُ إِذَا رُمِيَ عَنْهُ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنِ الرَّمْيِ كَالْمَرِيضِ فَإِنْ قِيلَ هَلَّا مَنَعْتُمْ مِنَ الرَّمْيِ عَنِ الْمَحْبُوسِ كَمَا مَنَعْتُمْ مِنَ الحج عن المريض المرجو برءه. قِيلَ لِأَنَّ لِلرَّمْيِ وَقْتًا يَفُوتُ بِتَأْخِيرِهِ وَلَيْسَ لِلْحَجِّ وَقْتٌ يَفُوتُ بِتَأْخِيرِهِ.
: وَيُخْتَارُ أَنْ يُرْمَى عَنِ الْمَرِيضِ وَالْعَاجِزِ مَنْ قَدْ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ كَمَا يَحُجُّ عَنِ الْعَاجِزِينَ مَنْ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنْ رَمَى عَنْهُ مَنْ لَمْ يَرْمِ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنْ رَمَى عَنِ الْمَرِيضِ أَوَّلًا ثُمَّ عَنْ نَفْسِهِ أَجْزَأَهُ رَمْيُهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي أَيِّ الرَّمْيَيْنِ أَجْزَأَهُ عَنْ نَفْسِهِ هَلْ هُوَ الرَّمْيُ الْأَوَّلُ الَّذِي رَمَاهُ عَنِ الْمَرِيضِ أَوْ هُوَ الرَّمْيُ الثاني الذي رماه عن نفسه فَأَحَدُ مَذْهَبَيْ أَصْحَابِنَا إِنَّهُ الرَّمْيُ الثَّانِي لِوُجُودِ الْقَصْدِ فِيهِ.
وَالثَّانِي: إِنَّهُ الرَّمْيُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ نُسُكٌ فَفَعَلَهُ عَنْ غَيْرِهِ وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ كَالطَّوَافِ فَأَمَّا رَمْيُهُ عَنِ الْمَرِيضِ فَهَلْ يُجْزِئُ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يُجْزِي عَنِ الْمَرِيضِ لِأَنَّنَا إِنْ جَعَلْنَا الرَّمْيَ الْأَوَّلَ عَنِ النَّائِبِ فَالثَّانِي لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْمَرِيضَ وَإِنْ جَعَلْنَا الثَّانِيَ عَنِ النَّائِبِ فَقَدْ وُجِدَ الْأَوَّلُ قَبْلَ رَمْيِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَلَمْ يُجْزِهِ عَنِ الْمَرِيضِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إن رميه عن المريض يجزئ ولأن حُكْمَ الرَّمْيِ أَخَفُّ مِنْ سَائِرِ أَرْكَانِ الْحَجِّ فَجَازَ أَنْ يَفْعَلَهُ عَنِ الْمَرِيضِ قَبْلَ فِعْلِهِ عن نفسه.
مسألة: قال الشافعي رضي الله عنه: " وإن ترك الميت لَيْلَةً مِنْ لَيَالِي مِنًى فَعَلَيْهِ مُدٌّ وَإِنْ تَرَكَ لَيْلَتَيْنِ فَعَلَيْهِ مُدَّانِ وَإِنْ تَرَكَ ثَلَاثَ ليالٍ فَدَمٌ وَالَدَمُ شَاةٌ يَذْبَحُهَا لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ ولا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute