للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَصْلٌ)

فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا وَصَفْنَا مِنْ تَوْجِيهِ الْقَوْلَيْنِ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْقَدِيمِ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِحَيْضٍ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي أَوَّلِ زَمَانِهِ الَّذِي يَرْتَفِعُ عَنْهُ حُكْمُ الْحَيْضِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ وَإِنْ تَرَكَتِ الصَّلَاةَ عِنْدَ رُؤْيَةِ الدَّمِ بِخَفَاءِ أَمَارَاتِ الْحَمْلِ قَضَتْ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: مِنْ وَقْتِ حَرَكَةِ الْحَمْلِ الَّتِي تَحْتَاجُ إِلَى الِاعْتِدَادِ بِهِ مِنَ الْحَيْضِ؛ فَإِنْ صَامَتْ بَعْدَ الْعُلُوقِ وَقَبْلَ حَرَكَتِهِ أَعَادَتْ، وَإِنْ قُلْنَا: هُوَ لَهُ فِي الْجَدِيدِ وَهُوَ الْأَصَحُّ نظر في الدم فإن كان ثخيناً محترماً فَهُوَ حَيْضٌ، وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا أَصْفَرَ فَفِي كَوْنِهِ حَيْضًا وَجْهَانِ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ فِي الْحَمْلِ غَيْرُ مُعْتَادٍ وَفِي وُجُودِ الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْعَادَةِ وَجْهَانِ كَذَلِكَ هَذَا.

(مَسْأَلَةٌ)

قال الشافعي: " وَلَا تُنْكَحُ الْمُرْتَابَةُ وَإِنْ أَوْفَتْ عِدَّتَهَا لِأَنَّهَا لَا تَدْرِي مَا عِدَّتُهَا فَإِنْ نُكِحَتْ لَمْ يُفْسَخْ وَوَقَّفْنَاهُ فَإِنْ بَرِئَتْ مِنَ الْحَمْلِ فَهُوَ ثَابِتٌ وَقَدْ أَسَاءَتْ وَإِنْ وَضَعَتْ بَطَلَ النِّكَاحُ (قال المزني) رحمه الله جعل الحامل تحيض ولم يجعل لحيضها معنى يعتد به كما تكون التي لم تحض تعتد بالشهور فإذا حدث الحيض كانت العدة بالحيض والشهور كما كانت تمر عليها وليست بعدة وكذلك الحيض يمر عليها وليس كل حيض عدة كما ليس كل شهور عدة ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الْمُرْتَابَةُ فَهِيَ الَّتِي تَمْضِي فِي أَقْرَائِهَا وَهِيَ مُرْتَابَةٌ بِحَمْلِهَا لِمَا تَجِدُهُ مِنْ غِلَظٍ وَتَحُسُّ بِهِ مِنْ نَقْلٍ وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ مِنَ النِّكَاحِ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا حَتَّى تزول ريبتها، فإن نكحت قال الشافعي ها هنا لَمْ يُفْسَخِ النِّكَاحُ وَوَقَّفْنَاهُ فَإِنْ بَرِئَتْ مِنَ الْحَمْلِ فَهُوَ ثَابِتٌ وَقَدْ أَسَاءَتْ وَإِنْ وَضَعَتْ بَطَلَ النِّكَاحُ.

وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إِنْ نَكَحَتِ الْمُرْتَابَةُ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ كَمَا وَهِمَ فِيهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي اخْتِلَافِ حَالَتِهَا عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيِّ وَأَبِي عَلِيِّ بْنِ خَيْرَانَ الْمَوْضِعُ الَّذِي أَبْطَلَ فِيهِ نِكَاحَهَا إِذَا كَانَتِ الرِّيبَةُ مَوْجُودَةً قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَالْمَوْضِعُ الَّذِي وَقَّفَ فِيهِ نِكَاحَهَا إِذَا أُحْدِثَتِ الرِّيبَةُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عَدَّتِهَا؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ مَوْضُوعَةٌ لِاسْتِبْرَاءِ الرَّحِمِ وَوُجُودُ الرِّيبَةِ فِيهَا تَمْنَعُ مِنَ اسْتِبْرَائِهَا فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُحْكَمَ بِانْقِضَائِهَا فَلِذَلِكَ بَطَلَ نِكَاحُهَا؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْبَاقِيَةِ فِي عِدَّتِهَا وَإِنِ انْقَضَتْ أَقَرَاؤُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>