الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُهُ بِخَمْسِمِائَةٍ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ فَإِذَا حَلَفَ فَفِي بُطْلَانِ الْبَيْعِ بِتَحَالُفِهِمَا وَجْهَانِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي الْبُيُوعِ.
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قَدْ بَطَلَ فَعَلَى هَذَا يَعُودُ الشِّقْصُ إِلَى الْبَائِعِ وَلَا شُفْعَةَ فِيهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَبْطُلُ إِلَّا بِالْفَسْخِ فَعَلَى هَذَا لَا يَخْلُو حَالُ الثَّمَنِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:
إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ.
فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا كَقَوْلِ الْبَائِعِ بِعْتُكَ شِقْصِي بِهَذَا الْعَبْدِ فَيَقُولُ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُهُ بِهَذَا الثَّوْبِ فَإِذَا تَحَالَفَا وَامْتَنَعَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَهُ بِالْعَبْدِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْبَائِعُ ثَمَنًا لَمْ يُعْرَضَ عَلَى الشَّفِيعِ لِأَنَّ عَيْنَ ذَلِكَ الْعَبْدِ لَا يَحْصُلُ لِلْبَائِعِ مِنْ جِهَةِ الشَّفِيعِ وَفَسَخَ الْحَاكِمُ الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا وَأَبْطَلَ الشُّفْعَةَ فِيهِ.
وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَقَوْلِ الْبَائِعِ بِعْتُكَ الشِّقْصَ بِأَلْفٍ فَيَقُولُ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُهُ بِخَمْسِمِائَةٍ عُرِضَ الشِّقْصُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعِ بِالْأَلْفِ لِيَأْخُذَاهُ بِهَا أَوْ يَرُدَّاهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْصُلُ الْبَائِعُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنَ الْقَدْرِ مِنَ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي فَلِذَلِكَ عُرِضَ عَلَيْهِمَا وَإِذَا كَانَ كذلك فللمشتري والشفيع أربعة أحوال:
أحدهما: أَنْ يَرْضَيَا جَمِيعًا بِهِ فَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِي الْأَلْفُ وللشفيع أن يأخذ منه الشقص بالألف.
والحالة الثَّانِيَةُ: أَنْ يَرُدَّاهُ جَمِيعًا بِالْأَلْفِ فَيُفْسَخَ الْبَيْعُ وتبطل الشفعة.
والحالة الثَّالِثَةُ: أَنْ يَرْضَاهُ الْمُشْتَرِي بِالْأَلْفِ وَيَرُدَّهُ الشَّفِيعُ بِهَا فَيَلْزَمُ الْبَيْعُ لِلْمُشْتَرِي بِالْأَلْفِ وَتَبْطُلَ شُفْعَةُ الشفيع.
والحالة الرَّابِعَةُ: أَنْ يَرْضَى بِهِ الشَّفِيعُ بِالْأَلْفِ وَيَرُدَّهُ الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ رَدُّ الْمُشْتَرِي بَاطِلًا لِمَا فِيهِ مِنْ إِسْقَاطِ حَقِّ الشَّفِيعِ وَيَصِيرَ الْبَيْعُ لَازِمًا لِلْمُشْتَرِي لِيَتَوَصَّلَ بِهِ الشَّفِيعُ إِلَى حَقِّهِ مِنَ الشُّفْعَةِ وَيَأْخُذَ الشِّقْصَ مِنْهُ بِالْأَلْفِ فَلَوْ رَدَّهُ الشَّفِيعُ بِعَيْبٍ رَدَّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ لِأَنَّ عُهْدَتَهُ عَلَيْهِ وَلِلْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ أَنْ يفسخ البيع.
[مسألة]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنِ اشْتَرَاهَا بسلعةٍ فَهِيَ لَهُ بِقِيمَةِ السِّلْعَةِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَجُمْلَةُ الْأَثْمَانِ ضَرْبَانِ:
ضَرْبٌ لَهُ مِثْلٌ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ فَالشُّفْعَةُ فِيهِ وَاجِبَةٌ بِمِثْلِ الثَّمَنِ جِنْسًا وَصِفَةً وَقَدْرًا فَإِنْ بَذَلَ الشَّفِيعُ قِيمَةَ الثَّمَنِ وَامْتَنَعَ الْمُشْتَرِي أَوْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الثَّمَنِ وَامْتَنَعَ