للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاعْتِبَارَ بِالِاسْمِ الْمُطْلَقِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَخْلُ حَالُ السِّنِّ الْمَقْلُوعَةِ بِالْجِنَايَةِ مِنْ أَنْ تُقْلَعَ مِنْ أَصْلِهَا أَوْ يُكْسَرَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا، فَإِنْ قُلِعَتْ مِنْ أَصْلِهَا قُلِعَتْ سِنُّ الْجَانِي مِنْ أَصْلِهَا الدَّاخِلِ فِي لَحْمِ الْعُمُورِ وَمَنَابِتِ الْأَسْنَانِ، وَإِنْ كُسِرَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَبَرَزَ مِنْ لَحْمِ الْعُمُورِ كُسِرَ مِنْ سِنِّ الْجَانِي مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَتُرِكَ عَلَيْهِ مَا سَتَرَهُ اللَّحْمُ مِنْ أَصْلِهَا، فَإِنْ عَفَا عَنِ الْقِصَاصِ إِلَى الدِّيَةِ كَانَتْ فِيهِ دِيَةُ السِّنِّ خَمْسًا مِنَ الإِبِلِ كَمَا لَوْ قَلَعَهَا مِنْ أَصْلِهَا، لَأَنَّ مَنْفَعَتَهَا وَجَمَالَهَا بِالظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ، فَإِنْ عَادَ وَقَطَعَ مَا بَطَنَ مِنْ بَقِيَّتِهَا كَانَ فِيهِ حُكُومَةٌ، كَمَنْ قَطَعَ أَصَابِعَ الْكَفِّ وَجَبَ عَلَيْهِ دِيَةُ كَفٍّ، فَإِنْ عَادَ فَقَطَعَ بَقِيَّةَ الْكَفِّ كَانَتْ عَلَيْهِ حُكُومَةٌ، وَلَوْ كَانَ قَدْ قَطَعَهَا مِنْ أَصْلِ الْكَفِّ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنَ الدِّيَةِ، وَلَوْ كُسِرَ نِصْفُ سِنّه بِالطُّولِ، فَإِنْ أَمْكَنَ الْقِصَاصُ مِنْهَا اقْتُصَّ، وَإِنْ تَقَدَّرَ كَانَ عَلَيْهِ نِصْفُ دِيَتِهَا.

(فَصْلٌ)

وَإِنْ قُلِعَ سِنُّ مَنْ لَمْ يَثْغَرْ فَلَا قِصَاصَ فِي الْحَالِ وَلَا دِيَةَ، لِأَنَّهَا مِنْ أَسْنَانِ اللَّبَنِ الَّتِي جَرَتِ الْعَادَةُ بِنَبَاتِهَا بَعْدَ سُقُوطِهَا وَوَجَبَ الِانْتِظَارُ إِلَى أَقْصَى الْمُدَّةِ الَّتِي يَقُولُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِهَا مِنَ الطِّبِّ أَنَّهَا تَنْبُتُ فِيهِ، فَإِنْ نَبَتَتْ فَلَا قِصَاصَ فِيهَا وَلَا دِيَةَ، لِأَنَّ الْقِصَاصَ وَالدِّيَةَ إِنَّمَا يَجِبَانِ فِيمَا يَدُومُ ضَرَرُهُ وَعَيْنُهُ وَلَا يَجِبَانِ فِيمَا يَزُولُ ضَرَرُهُ وَشيْنُهُ كَالسِّنِّ إِذَا نَبَتَتْ وَكَاللَّطْمَةِ إِذَا آلَمَتْ، لِزَوَالِ ذَلِكَ وَعَوْدِهِ إِلَى الْمَعْهُودِ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ قَدْ خَرَجَ مَعَ سِنِّ اللَّبَنِ حِينَ قُلِعَتْ دَمٌ نُظِرَ فِيهِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ لَحْمِ الْعُمُورِ وَجَبَ فِيهِ أَرْشٌ، كَمَنْ جُرِحَ فِي لَحْمِ بَدَنِهِ فَأَنْهَرَ دَمَهُ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْ مَحَلِّ السِّنِّ الْمَقْلُوعَةِ فَفِي وُجُوبِ الْأَرْشِ وَجْهَانِ حَكَاهَا أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفِرَايِينِيُّ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ فِيهِ أَرْشٌ كَمَنْ لُطِمَ فَرَعَفَ لَمْ يَجِبْ فِيهِ أَرْشٌ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: فِيهِ الْأَرْشُ، لِأَنَّهُ قَدْ قَلَعَ بِقَلْعِهِ مَا اتَّصَلَ بِهِ مِنْ عُرُوقِ مَحَلِّهِ وَمَرَابَطِهِ فَلَزِمَهُ الْأَرْشُ، وَعَلَى مُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَرْشُ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ دَمٌ لِقَطْعِ تِلْكَ الْمَرَابِطِ وَالْعُرُوقِ.

فَإِنْ قِيلَ بِهِ كَانَ هَذَا الْوَجْهُ الثَّانِي أَصَحَّ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ كَانَ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَصَحَّ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي عِنْدِي أَوْلَى.

فَإِذَا ثَبَتَ وُجُوبُ الِانْتِظَارِ بِالسِّنِّ الْمَقْلُوعَةِ وَقْتَ نَبَاتِهَا لَمْ يَخْلُ حَالُ صَاحِبِهَا مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

إِمَّا أَنْ يَعِيشَ إِلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ أَوْ يَمُوتَ قَبْلَهُ، فَإِنْ عَاشَ إِلَيْهِ لَمْ يَخْلُ حَالُ تِلْكَ السِّنِّ الْمَقْلُوعَةِ مِنْ أحد أمرين:

<<  <  ج: ص:  >  >>