الْقِرَاضِ فَالْقَوْلُ فِيهِ إِذَا كَانَ مُحْتَمِلًا قَوْلُ الْعَامِلِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ عَلَى النَّفَقَةِ كَمَا كَانَ مُؤْتَمَنًا عَلَى الرِّبْحِ.
وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ إِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ مَعَ يَمِينِهِ مِنَ اخْتِلَافِ الْوَجْهَيْنِ فِي ادِّعَاءِ الْعَامِلِ رد المال على ربه.
[مسألة]
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَمَا اشْتَرَى فَلَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا اشْتَرَى الْعَامِلُ سِلْعَةً فِي الْقِرَاضِ فَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ فِيهَا مَعَ الْعَيْبِ فَضْلٌ وَظُهُورُ رِبْحٍ فَلَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يَرُدَّ لِحَقِّ رَبِّ الْمَالِ فِي الْفَضْلِ الظَّاهِرِ، وَلَيْسَ لِرَبِّ المال أن يرد لحق العامل في الفصل الظَّاهِرِ.
فَإِنِ اجْتَمَعَا عَلَى الرَّدِّ فَذَلِكَ لَهُمَا لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُمَا، وَيَكُونُ حَالُ السِّلْعَةِ مَعَ ظُهُورِ الْعَيْبِ كَحَالِهِمَا لَوْ سَلِمَتْ مِنْ عَيْبٍ لِظُهُورِ الْفَاضِلِ فِي الْحَالَيْنِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ فِيهَا لِأَجْلِ الْعَيْبِ خُسْرَانٌ وَعَجْزٌ فَلِلْعَامِلِ أَنْ يَرُدَّ السِّلْعَةَ بِالْعَيْبِ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِتَنْمِيَةِ الْمَالِ، وَفِي إِمْسَاكِ الْعَيْبِ تَلَفٌ لِلنَّسَاءِ، وَلِأَنَّهُ حَلَّ مَحَلَّ مَالِكِهِ، وَلِلْمَالِكِ فَسْخُهُ وَرَدُّهُ، فَإِنْ رَضِيَ الْعَامِلُ بِعَيْبِهِ كَانَ لِرَبِّ الْمَالِ رَدُّهُ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنَ النَّقْصِ فِي مَالِهِ، فَيَصِيرُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْعَامِلِ وَرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَنْفَرِدَ بِالرَّدِّ، فَإِنِ اجْتَمَعَا عَلَى الْإِمْسَاكِ وَالرِّضَا بِالْعَيْبِ جَازَ لِأَنَّ حَقَّ الرَّدِّ لَا يَتَجَاوَزُهُمَا.
[مسألة]
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا حَالَ الْوَكِيلِ فِي رَدِّ مَا وَجَدَ بِهِ عَيْبًا، وَأَنَّ مَا اشْتَرَاهُ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهُ إِلَّا بِإِذْنِ مُوَكِّلِهِ لِأَنَّ شِرَاءَهُ غَيْرُ مَرْدُودٍ إِلَى رَأْيِهِ لِجَوَازِ عِلْمِ الْمُوَكِّلِ بِعَيْبِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَلَهُ الرَّدُّ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْإِذْنِ بِالشِّرَاءِ يَقْتَضِي سَلَامَةَ الْمُشْتَرِي كَالْمُقَارِضِ، وَسَوَاءٌ كَانَ فِيهِ من الْعَيْبِ فَضْلٌ أَوْ لَا بِخِلَافِ الْمُقَارِضِ، وَلَا يَلْزَمُهُ اسْتِئْذَانُ الْمُوَكِّلِ فِي الرَّدِّ، فَإِنْ نَهَاهُ الْمُوَكِّلُ عَنِ الرَّدِّ مُنِعَ مِنَ الرَّدِّ بِخِلَافِ الْعَامِلِ لِأَنَّ لِلْعَامِلِ شِرْكًا فِي الرِّبْحِ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ شِرْكٌ فِيهِ، فَصَارَ الْوَكِيلُ مُوَافِقًا لِلْعَامِلِ فِي الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَمُخَالِفًا فِي الْوَجْهِ الذي ذكرناه.
[مسألة]
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَإِنِ اشْتَرَى وَبَاعَ بِالدَّيْنِ فَضَامِنٌ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَا يَخْلُو حَالُهُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ من ثلاثة أقسام: