للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذَكَرْنَاهُ فِي الْبُيُوعِ وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ لَا يَخْلُو حَالُ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعِ فِي الْعَيْبِ الْمَوْجُودِ فِي الشقص من أربعة أحوال:

أحدها: أَنْ يَكُونَا عَالِمَيْنِ فَيَعْلَمُ الْمُشْتَرِي بِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ بِالْوُقُوفِ عَلَيْهِ أَوِ الْبَرَاءَةِ إِلَيْهِ وَيَعْلَمُ الشَّفِيعُ بِهِ عِنْدَ الْأَخْذِ فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا رَدُّ الْأَرْشِ وَهُوَ لَازِمٌ لِكُلِّ واحد منهما بعلمه.

والحالة الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَا جَاهِلَيْنِ بِهِ فَالشَّفِيعُ فِيهِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إِمْسَاكِهِ وَرَدِّهِ، فَإِنْ أَمْسَكَهُ فَلَا يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ رَدَّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ فَإِذَا صَارَ إِلَى الْمُشْتَرِي فهو بالخيار بين إمساكه ورده.

والحالة الثَّالِثَةُ: أَنْ يَعْلَمَ بِهِ الشَّفِيعُ وَلَا يَعْلَمَ بِهِ الْمُشْتَرِي فَلَا رَدَّ لِلشَّفِيعِ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ وَهُوَ لَازِمٌ لَهُ بِأَخْذِهِ وَلَا شَيْءَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ فَإِنْ عَادَ الشِّقْصُ إِلَى الْمُشْتَرِي بِمِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ هَلْ يَسْتَحِقُّ رَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ بِعَيْنِهِ أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ ذكرناهما في البيوع.

والحالة الرَّابِعَةُ: أَنْ يَعْلَمَ بِهِ الْمُشْتَرِي دُونَ الشَّفِيعِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ فَالشَّفِيعُ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالْخِيَارِ فِيهِ بَيْنَ إِمْسَاكِهِ وَرَدِّهِ فَإِنْ رَدَّهُ فَهُوَ لَازِمٌ لِلْمُشْتَرِي لِعِلْمِهِ بِعَيْبِهِ وَلَا رَدَّ لَهُ فَلَوِ ادَّعَى الْمُشْتَرِي عِلْمَ الشَّفِيعِ بِعَيْبِهِ عِنْدَ أَخْذِهِ وَأَنْكَرَ الشَّفِيعُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الشَّفِيعِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَهُ الرَّدُّ فَإِنْ شَهِدَ الْبَائِعُ عَلَى الشَّفِيعِ بِعِلْمِهِ بِالْعَيْبِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ إِنْ كَانَ قَدْ بَرِئَ كَالْمُشْتَرِي مَعَ عَيْبِهِ لِأَنَّهُ لَا يَدْفَعُ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَلَمْ تُقْبَلْ إِنْ لَمْ يَبْرَأْ إِلَيْهِ مِنْ عَيْبِهِ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ.

فَصْلٌ

: فَإِذَا ظَهَرَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ فِي الشِّقْصِ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ فَأَمْسَكَ عَنْ رَدِّهِ انْتِظَارًا لِلشَّفِيعِ نُظِرَ: فَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ غَائِبًا لَمْ يَلْزَمْهُ انْتِظَارُهُ وَبَطَلَ بِالْإِمْسَاكِ خِيَارُهُ، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا لَزِمَهُ انْتِظَارُهُ وَلَمْ يَبْطُلْ بِالْإِمْسَاكِ خِيَارُهُ لِأَنَّ حُضُورَ الشَّفِيعِ مَعَ تَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالشِّقْصِ عُذْرٌ فِي الْإِمْسَاكِ وَلَا يَكُونُ عُذْرًا إِنْ كَانَ غَائِبًا.

مَسْأَلَةٌ

قال المزني رَحِمَهُ اللَّهُ: " فَإِنِ اسْتُحِقَّتْ مِنَ الشَّفِيعِ رَجَعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ عُهْدَةَ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ.

فَإِذَا اسْتُحِقَّ الشِّقْصُ من يد الشفيع فَلَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يُسْتَحَقَّ فِي يَدِهِ بِتَصْدِيقِهِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِهِ فَيَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ الشِّقْصِ بِتَصْدِيقِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِدَرَكِهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَقْبُولٌ عَلَى نَفْسِهِ وَغَيْرُ مَقْبُولٍ عَلَى غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>