للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قِيلَ إِذَا اجْتَمَعَ الْإِقْرَارُ وَالْبَيِّنَةُ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِالْإِقْرَارِ دُونَ الْبَيِّنَةِ.

قِيلَ هُوَ كَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْإِقْرَارُ مُمْكِنًا وَبِخِلَافِهِ إِذَا كَانَ معتذرا.

فَإِنْ قِيلَ لَوْ كَانَ حَاضِرًا لَقَدَرَ عَلَى دَفْعِ الْبَيِّنَةِ بِالْجَرْحِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ مَعَ الْغَيْبَةِ.

قِيلَ يُمْكِنُهُ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ بِالْجَرْحِ فَيُسْقِطُهَا وَيَنْتَقِضُ بِهَا مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْحُكْمِ فَلَمْ يَمْنَعْهُ نُفُوذُ الْحُكْمِ مِنِ اسْتِدْرَاكِهِ.

فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْآيَةِ: فَمِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا فِي الْحَاضِرِ، لِأَنَّ الدُّعَاءَ يَكُونُ لِلْحَاضِرِ دُونَ الْغَائِبِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ ذَمَّهُ بِالْإِعْرَاضِ، وَذَمُّهُ أَحَقُّ بِوُجُوبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ مِنْ إِسْقَاطِهِ عَنْهُ

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْخَبَرِ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قَالَ: إِذَا أَتَاكَ الْخَصْمَانِ فَكَانَ وَارِدًا فِي الْحَاضِرِينَ.

وَالثَّانِي: أَنَّ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ فِي الْحَاضِرِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِهِ فِي الْغَائِبِ لِعَدَمِ الشَّرْطِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِ عَلَى الْحَاضِرِ: فَهُوَ أَنَّ سُؤَالَهُ مُمْكِنٌ، وَسُؤَالُ الْغَائِبِ مُتَعَذِّرٌ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِ عَلَى يَمِينِ الْمُنْكِرِ، فَهُوَ وُجُودُ الدَّعْوَى فِي الْبَيِّنَةِ، فَجَازَ الْحُكْمُ بِهَا وَعَدَمُ الدَّعْوَى فِي يَمِينِ الْمُنْكِرِ فَلَمْ يَجُزِ الْحُكْمُ بِهَا.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِ عَلَى الْحُكْمِ لِلْغَائِبِ، فَهُوَ أَنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ تَأْخِيرَهُ وَلَيْسَ لِمَنْ عَلَيْهِ الحق تأخيره.

[(فصل: القضاء على الغائب مخصوص ببعض الحقوق) .]

فَإِذَا ثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا جَوَازُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ فَهُوَ مَخْصُوصٌ بِحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ.

فَأَمَّا حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي تُدْرَأُ بِالشُّبَهَاتِ فَلَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِهَا عَلَى غَائِبٍ كَحَدِّ الزِّنَا وَحَدِّ الْخَمْرِ لِاتِّسَاعِ حُكْمِهَا بِالْمُهْلَةِ.

فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقِّ الْآدَمِيِّ كَالسَّرِقَةِ قُضِيَ عَلَى الْغَائِبِ بِالْغُرْمِ وَلَمْ يقض عليه بالقطع إلا بعد حضوره.

(ما على القاضي في الاستعداء إليه) .

فَإِذَا صَحَّتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ وَجَبَ أَنْ نَصِفَ مَا عَلَى الْقَاضِي فِي الِاسْتِعْدَاءِ إِلَيْهِ وَالتَّحَاكُمِ عِنْدَهُ.

فَإِذَا تَشَاجَرَ خَصْمَانِ فِي حَقٍّ وَدَعَا أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ إِلَى الْحُضُورِ مَعَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>