للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَيَحْكُمُ بِهَا وَيَنْتَزِعُ الْعَبْدَ مِنَ الْمُشْتَرِي وَلَا يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ لِأَنَّهُ بِتَكْذِيبِ الْمُشْتَرِي مُقِرٌّ بِأَنَّهُ مَظْلُومٌ بِانْتِزَاعِ الْعَبْدِ مِنْ يَدِهِ غير مستحق للرجوع بثمنه.

والحال الثالث: أَنْ يُصَدِّقَ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ وَيُكَذِّبَهُ الْبَائِعُ فَيُلْزَمُ الْمُشْتَرِي بِتَصْدِيقِهِ تَسْلِيمَ الْعَبْدِ إِلَيْهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَقْبُولٌ عَلَى نَفْسِهِ وَغَيْرُ مَقْبُولٍ عَلَى غَيْرِهِ وَلِلْمُشْتَرِي إِحْلَافُ الْبَائِعِ وَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ إِحْلَافُهُ لِأَنَّ المغصوب منه يأخذ الْعَبْدِ قَدْ وَصَلَ إِلَى حَقِّهِ وَإِنَّمَا لِلْمُشْتَرِي إِحْلَافُهُ لِأَجْلِ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الثَّمَنِ بِاعْتِرَافِهِ.

والحال الرابع: وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ أَنْ يُصَدِّقَهُ الْبَائِعُ وَيُكَذِّبَهُ الْمُشْتَرِي فَلَا يُقْبَلُ تَصْدِيقُ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي لِارْتِفَاعِ يَدِهِ وَحُصُولِهِ حُكْمًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَيَحْلِفُ الْمُشْتَرِي لِلْمُدَّعِي ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِقِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ قَدْ عَاوَضَ عليه فإن عاد العبد إلى البائع بهبة أم مِيرَاثٍ أَوْ رَدٍّ بِعَيْبٍ لَزِمَهُ تَسْلِيمُهُ إِلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا لَمْ يَنْفُذْ إِقْرَارُهُ فِيهِ لِحَقِّ الْمُشْتَرِي فَإِذَا زَالَ حَقُّهُ لَزِمَهُ رده ويسترجع منه قيمته.

[مسألة]

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَعْتَقَهُ ثُمَّ أَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَهُ لِلْمَغْصُوبِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ واحدٍ مِنْهُمَا فِي رَدِّ الْعِتْقِ وَلِلْمَغْصُوبِ الْقِيمَةُ إِنْ شَاءَ أَخَذْنَاهَا لَهُ مِنَ الْمُشْتِرِي الْمُعْتِقِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَهُ بَاعَهُ مَا لَا يَمْلِكُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: إِذَا كَانَ مُشْتَرِي الْعَبْدِ أَعْتَقَهُ ثُمَّ حَضَرَ مَنِ ادَّعَاهُ مِلْكًا وَأَنَّ الْبَائِعَ أَخَذَهُ غَصْبًا كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ قَبْلَ سُؤَالِهِمَا بِخِلَافِ الْحَالِ قَبْلَ الْعِتْقِ لِأَنَّ نُفُوذَ الْعِتْقِ يَمْنَعُ مِنْ رَفْعِهِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ تَشْهَدُ بِهِ فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بَطَلَ الْعِتْقُ وَاسْتَرْجَعَ الْعَبْدَ وَرَدَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي إِنِ ادَّعَاهُ مِنْ غَيْرِ تَكْذِيبِ الْمُدَّعِي. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بينة سئل البائع والمشتري حينئذ من دعواه ولا يخل حالهما من الأحوال الأربعة:

أحدهما: أَنْ يُكَذِّبَاهُ فَلَهُ إِحْلَافُهُمَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا.

والحال الثاني: أَنْ يُصَدِّقَهُ الْبَائِعُ دُونَ الْمُشْتَرِي فَقَوْلُ الْبَائِعِ فِيهِ غَيْرُ مَقْبُولٍ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ فِي الْعَبْدِ بَعْدَ عِتْقِهِ ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ حَقُّ الْمُشْتَرِي فِي الْمِلْكِ وَحَقُّ الْعَبْدِ فِي التَّصَرُّفِ وَحَقُّ الله تعالى فِي الْحُرْمَةِ وَقولُ الْبَائِعِ غَيْرُ مَقْبُولٍ فِي حَقِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَزِمَهُ غُرْمُ الْقِيمَةِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِتَصْدِيقِهِ لَهُ وَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ إِحْلَافُ الْمُشْتَرِي، لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْقِيمَةِ وَقَدْ وَصَلَ إِلَيْهِمَا فَإِنْ أَرَادَ الْبَائِعُ إِحْلَافَ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ بِقَدْرِ ثَمَنِهِ أَوْ أَقَلَّ فَلَيْسَ لَهُ إِحْلَافُهُ لِأَنَّ مَا غَرِمَهُ مِنَ الْقِيمَةِ قَدْ وَصَلَ إِلَيْهِ مِنَ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ كان له

<<  <  ج: ص:  >  >>