للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ:)

وَإِذَا اتَّهَمَ زَوْجَتَهُ بِسَرِقَةٍ، وَقَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ لَمْ تَصْدُقِينِي هَلْ سَرَقْتِ أَمْ لَا؟ فَمَخْرَجُهُ يَقِينًا مِنْ يَمِينِهِ أَنْ تقول له سرقت، وتقول له ما سرقت فيتقين أَنَّهَا قَدْ صَدَقَتْهُ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَيَبَرُّ وَلَا يَحْنَثُ.

(فَصْلٌ:)

وَإِذَا كَانَ وَاقِفًا فِي الْمَاءِ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يُقِيمَ فِيهِ وَلَا يَخْرُجَ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ جَارِيًا لَمْ يَحْنَثْ بِمُقَامِهِ وَلَا بِخُرُوجِهِ مِنْهُ، لِأَنَّ الْمَاءَ الَّذِي كَانَ فِيهِ بِجَرَيَانِهِ قَدْ مَضَى فَسَقَطَ حُكْمُهُ، وَإِنْ كَانَ رَاكِدًا فَأَقَامَ فِيهِ (أو خرج منه حنث، ولو انتقل من موضع منه) إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ حَنِثَ، لِأَنَّ جَمِيعَهُ مَاءٌ وَاحِدٌ وَلَيْسَ كَالْجَارِي.

(فَصْلٌ:)

وَإِذَا حَلَفَ بِاللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِالطَّلَاقِ عَلَى شَيْءٍ يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ، تَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا بِالنِّيَّةِ فَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي حَظْرِهِ وَإِبَاحَتِهِ، فَالنِّيَّةُ فِيهِ نِيَّةُ الْحَالِفِ دُونَ الْمُسْتَحْلِفِ، وَإِنِ اخْتَلَفَ فِي حَظْرِهِ وَإِبَاحَتِهِ، فَإِنَّ النِّيَّةَ فِيهِ نِيَّةُ الْحَالِفِ كَانَ الْحَالِفُ مَظْلُومًا وَالْمُسْتَحْلِفُ ظَالِمًا، كَالْحَالِفِ إِذَا كَانَ شَافِعِيًّا فَحَلَفَ أَنْ لَا شُفْعَةَ عَلَيْهِ لِلْجَارِ أَوْ كَانَ حَنَفِيًّا فَحَلَفَ أَنْ لَا ثَمَنَ عَلَيْهِ لِلْمُدَبَّرِ، فَالنِّيَّةُ فِي الْيَمِينِ نِيَّةُ الْحَالِفِ دُونَ الْحَاكِمِ الْمُسْتَحْلِفِ وَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ ظَالِمًا كَالشَّافِعِيِّ إِذَا حَلَفَ لَا ثَمَنَ عَلَيْهِ لِلْمُدَبَّرِ، وَالْحَنَفِيِّ إِذَا حَلَفَ أَنْ لَا شُفْعَةَ عَلَيْهِ لِلْجَارِ كَانَتِ النِّيَّةُ نِيَّةَ الْحَاكِمِ الْمُسْتَحْلِفِ دُونَ الْحَالِفِ فَكَأَنَّهَا لَا تَكُونُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفَ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَحْدَهُ، فَأَمَّا إِذَا تَفَرَّدَ الْحَالِفُ بِالْيَمِينِ فَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى نِيَّتِهِ إِذَا كَانَ مَا نَوَاهُ فِيهَا مُحْتَمَلًا.

وَإِنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ مَاضٍ أَنَّهُ مَا فَعَلَهُ، وَقَدْ فَعَلَهُ، وَنَوَى فِي يَمِينِهِ أَنَّهُ مَا فَعَلَهُ بِالصِّينِ أَوْ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ أَوْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ مُسْتَقْبَلٍ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ، وَلَمْ يَفْعَلْهُ، وَنَوَى فِي يَمِينِهِ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ فِي الصِّينِ أَوْ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ حُمِلَ عَلَى نِيَّتِهِ وَلَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ حَلَفَ فَقَالَ: كُلُّ نِسَائِي طَوَالِقُ وَنَوَى نِسَاءَ قَرَابَتِهِ لَمْ تُطَلَّقْ نِسَاؤُهُ، وَإِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إِنْ تَزَوَّجْتُ عَلَيْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَنَوَى أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلَى بَطْنِهَا، حُمِلَ عَلَى مَا نَوَى وَلَمْ يَحْنَثْ إِنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا غَيْرَهَا، وَلَوْ قِيلَ لَهُ: طَلَّقْتَ زَوْجَتَكَ فَقَالَ: نَعَمْ وَأَرَادَ نَعَمَ بَنِي فَلَانٍ كَانَ عَلَى مَا نَوَى فِي الْبَاطِنِ، وَإِنْ كَانَ مُؤَاخَذًا بِإِقْرَارِهِ فِي الظَّاهِرِ، وَإِذَا حَلَفَ مَا كَاتَبْتُ فَلَانًا أَوْ لَا كَلَّمْتُهُ وَلَا رَأَيْتُهُ وَلَا عرفته ولا أعلمته ونوى بالمكاتبة عقد الكاتبة وَبُقُولِهِ: مَا رَأَيْتُهُ أَيْ مَا ضَرَبْتُ رُؤْيَتَهُ وَبِقَوْلِهِ مَا كَلَّمْتُهُ أَيْ مَا صرَخْتُهُ وَبِقَوْلِهِ: مَا عَرَّفْتُهُ أَيْ مَا جَعَلْتُهُ عَرِيفًا، وَبِقَوْلِهِ مَا أَعْلَمْتُهُ أَيْ مَا قَطَعْتُ شَفَتَهُ الْعُلْيَا، حُمِلَ ذَلِكَ عَلَى مَا نَوَى وَهَكَذَا لَوْ حَلَفَ فَقَالَ: مَا أُخَوِّفُ لَكَ جَمَلًا وَلَا بَقَرَةً وَلَا ثَوْرًا وَلَا عَنْزًا وَنَوَى بِالْجَمَلِ السَّحَابَ، وَبِالْبَقَرَةِ الْعِيَالَ، وَبِالثَّوْرِ الْقِطْعَةَ مِنَ الْأَقِطِ، وَبِالْعَنْزِ الْأَكَمَةَ السَّوْدَاءَ، حُمِلَ عَلَى مَا نَوَى وَلَمْ يَحْنَثْ، وَهَكَذَا لَوْ قَالَ: مَا شَرِبْتُ لَكَ مَاءً وَنَوَى الْمَنِيَّ حُمِلَ عَلَيْهِ، وَصَحَّ مَا نَوَاهُ، وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الْأَشْبَاهِ الْمُشْتَرَكَةِ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنِ الظَّاهِرِ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ إِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>