للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: - وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ - أَنَّهُ ضَامِنٌ لَهُ بِالثَّمَنِ الْمُسَمَّى دُونَ الْقِيمَةِ، لِأَنَّ ثُبُوتَ الْخِيَارِ لَهُ وَحْدَهُ يَجْرِي مَجْرَى خِيَارِ الْعَيْبِ، وَإِذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ، وَقَدْ ثَبَتَ فِيهِ خِيَارُ الْعَيْبِ كَانَ مَضْمُونًا بِالثَّمَنِ دُونَ الْقِيمَةِ، فَكَذَلِكَ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ.

فَأَمَّا إِذَا كَانَ تَلَفُهُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْفَسْخِ، فَلَا يَضْمَنُهُ بِالثَّمَنِ، لَا يَخْتَلِفُ، لِاسْتِقْرَارِ الْفَسْخِ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُهُ بِالْقِيمَةِ.

فَإِنْ تَلِفَ قَبْلَ الطَّلَبِ، كَانَ الْمُشْتَرِي ضَامِنًا لِلْقِيمَةِ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا لَهُ مِثْلٌ أَمْ لَا، لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ عَلَى وَجْهِ الْمُعَاوَضَةِ.

وَإِنْ تَلِفَ بَعْدَ طَلَبِ الْبَائِعِ وَبَيْعِ الْمُشْتَرِي:

فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا مِثْلَ لَهُ، ضَمِنَهُ بِالْقِيمَةِ فِي أَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ.

وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَهُ مِثْلٌ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَضْمَنُهُ بِالْقِيِمَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ عَلَى وَجْهِ الْمُعَاوَضَةِ.

وَالثَّانِي: يَضْمَنُهُ بِالْمِثْلِ، لِأَنَّهُ لَمَّا مَنَعَ مِنَ الرَّدِّ بَعْدَ الْفَسْخِ وَالطَّلَبِ، صَارَ غَاصِبًا، وَخَرَجَ عن أن يكون معاوضا.

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ خِيَارٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ وَلَوْلَا الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْخِيَارِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي الْمُصَرَّاةِ ولِحبان بن منقذ فيما اشترى ثلاثا ثَلَاثًا لَمَا جَازَ بَعْدَ التَّفَرُّقِ سَاعَةً وَلَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ الِانْتِفَاعُ بِالثَّمَنِ وَلَا لِلْمُشْتَرِي الِانْتِفَاعُ بِالْجَارِيَةِ فَلَمَّا أَجَازَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى مَا وَصَفْنَاهُ ثَلَاثًا اتَّبَعْنَاهُ وَلَمْ نُجَاوِزْهُ وَذَلِكَ أَنَّ أَمْرَهُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ثَلَاثًا حَدًّا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ، خِيَارُ الشَّرْطِ، لَا يَجُوزُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ، وَبِهِ قَالَ أبو حنيفة.

وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: خِيَارُ الشَّرْطِ يَجُوزُ مُؤَبَّدًا مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وأبو يوسف، ومحمد، وَأَبُو ثَوْرٍ: يَجُوزُ مُؤَبَّدًا إِذَا كَانَ مَحْدُودًا بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ.

وَقَالَ مَالِكٌ: يَجُوزُ مِنْ خِيَارِ الشَّرْطِ فِي الْمَبِيعَاتِ عَلَى قَدْرِهَا وَبِحَسْبِ مَا تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجَةُ فِي تَعَرُّفِ أَحْوَالِهَا، فَمَا أَمْكَنَ تَعَرُّفُ حَالِهِ فِي يَوْمٍ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُشْتَرَطَ فِيهِ ثَلَاثًا، وَمَا لَمْ يُمْكِنْ تَعَرُّفُ حَالَهُ إِلَّا فِي شَهْرٍ، جَازَ أَنْ يُشْتَرَطَ فِيهِ شَهْرًا.

وَاسْتَدَلُّوا عَلَى جَوَازِ اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ فَوْقَ ثَلَاثٍ:

<<  <  ج: ص:  >  >>