للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالثَّانِي: أَنْ يَعْدِلَ إِلَى مُقَارَضَةِ غَيْرِ مَنْ عَيَّنَهُ رَبُّ الْمَالِ.

فَإِنْ عَدَلَ إِلَى مُقَارَضَةِ نَفْسِهِ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ الْمَالِ لِأَنَّ ائْتِمَانَهُ عَلَى الْمَالِ إِنَّمَا كَانَ عَلَى مُقَارَضَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ لَا عَلَى التِّجَارَةِ بِهِ، فَصَارَ لِأَجْلِ ذَلِكَ مُتَعَدِّيًا ضَامِنًا، وَلَا حَقَّ لَهُ فِي رِبْحِ الْمَالِ، وَيَكُونُ جَمِيعُ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ سَوَاءٌ قِيلَ إِنَّ رِبْحَ الْمَغْصُوبِ يَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ أَوْ لِلْغَاصِبِ، لِأَنَّهُ إِنْ قُلْنَا إِنَّهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهِ، وَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُ لِلْغَاصِبِ فَقَدْ صَارَ بِمُقَارَضَتِهِ نَفْسَهُ مُشْتَرِيًا لِرَبِّ الْمَالِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَعَ الْقَوْلَيْنِ مَعًا حَقٌّ فِي الرِّبْحِ.

وَلَا أُجْرَةَ لَهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَطَوِّعًا بِعَمَلٍ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ.

وَإِنْ عَدَلَ إِلَى مُقَارَضَةِ غَيْرِ مَنْ عَيَّنَهُ رَبُّ الْمَالِ كَانَ ضَامِنًا لِلْمَالِ بِعُدْوَانِهِ، وَكَانَ الْعَامِلُ فِيهِ ضَامِنًا لَهُ بِيَدِهِ، لِأَنَّ مَنْ أَقَرَّ يَدَهُ عَلَى مَالٍ مَضْمُونٍ ضَمِنَهُ، كَمَنِ اسْتَوْدَعَ مَالًا مَغْصُوبًا. وَيَكُونُ جَمِيعُ رِبْحِهِ لِرَبِّ الْمَالِ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّ الْعَامِلَ مَا اشْتَرَى لِنَفْسِهِ، وَلَا رُجُوعَ لِلْعَامِلِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ، وَهَلْ يُرْجَعُ بِهَا عَلَى الْوَكِيلِ الْغَارِّ لَهُ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ مُخَرَّجَيْنِ مِنِ اخْتِلَافِ قَوْلَيْنِ فِي الزَّوْجِ الْمَغْرُورِ - هَلْ يَرْجِعُ مَنْ غَرَّهُ بِالَّذِي غَرِمَهُ.

فَصْلٌ

: وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الْعَمَلِ بِنَفْسِهِ، وَفِي مُقَارَضَةِ غَيْرِهِ فَيَكُونُ بِالْخِيَارِ لِمَكَانِ الْإِذْنِ فِي الْعَمَلِ بِنَفْسِهِ وَفِي مُقَارَضَةِ غَيْرِهِ.

فَإِنْ عَمِلَ بِنَفْسِهِ صَحَّ وَكَانَ الرِّبْحُ مَقْسُومًا بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ.

وَإِنْ قَارَضَ غَيْرَهُ كَانَ وَكِيلًا فِي عَقْدِ الْقِرَاضِ مَعَهُ، وَخَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَامِلًا فِيهِ ثُمَّ نُظِرَ فِي عَقْدِهِ لِلْقِرَاضِ مَعَ غَيْرِهِ:

فَإِنْ جَعَلَ الرِّبْحَ فِيهِ بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ فِيهِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنْهُ صَحَّ الْقِرَاضُ، وَكَانَ الرِّبْحُ مَقْسُومًا بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ.

وَإِنْ شَرَطَ لِنَفْسِهِ فِي الرِّبْحِ سَهْمًا وَجَعَلَ الرِّبْحَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ أَثْلَاثًا كَانَ الْقِرَاضُ فَاسِدًا، لِأَنَّ رِبْحَ الْقِرَاضِ مُوَزَّعٌ عَلَى الْمَالِ وَالْعَمَلِ، وَهُوَ وَكِيلٌ لَيْسَ لَهُ مَالٌ وَلَا عَمَلٌ، فَلَا يَكُونُ لَهُ فِي الرِّبْحِ حَقٌّ، وَصَارَ شَرْطُهُ مُنَافِيًا لِلْعَقْدِ فَبَطَلَ وَصَارَ الْعَامِلُ مُضَارِبًا فِي قِرَاضٍ فَاسِدٍ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ لِجَوَازِ مُقَارَضَتِهِ، وَإِنَّمَا بَطَلَ الْعَقْدُ لِفَسَادِ الشَّرْطِ.

وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ وَلَا عَلَى الْعَامِلِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرَ مُتَعَدٍّ فِي الْمَالِ، وَإِنَّمَا حَصَلَ التَّعَدِّي فِي الْعَقْدِ.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا تَعَدِّي الْعَامِلِ فِي مَالِ الْقِرَاضِ مِنْ غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>