للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ خَلَعَ يَدَهُ مِنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً) .

وَأَمَّا مَا أُبِيحَ قِتَالُهُمْ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ: فَهُوَ أَنْ يَنْفَرِدُوا عَنِ الْجَمَاعَةِ وَلَا يَمْتَنِعُوا مِنْ حَقٍّ، وَلَا يَتَعَدَّوْا إِلَى مَا لَيْسَ لَهُمْ بِحَقٍّ، فَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ قِتَالُهُمْ لِتَفْرِيقِ الْجَمَاعَةِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ قِتَالُهُمْ لِتَظَاهُرِهِمْ بِالطَّاعَةِ.

رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَنْ خَرَجَ عَنِ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ فَمِيتَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ) .

وَأَمَّا مَا اخْتَلَفَ الْقَوْلُ فِي وُجُوبِ قِتَالِهِمْ وَإِبَاحَتِهِ: فَهُوَ إِذَا امْتَنَعُوا مَعَ انْفِرَادِهِمْ مِنْ دَفْعِ زَكَاةِ أَمْوَالِهِمُ الظَّاهِرَةِ وقاموا بتفرقتها في أهل السهمان مِنْهُمْ فَفِيهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ: إِنَّ قِتَالَهُمْ عَلَيْهَا وَاجِبٌ، إِذَا قِيلَ فِيهَا بِوُجُوبِ دَفْعِهَا إِلَى الْإِمَامِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ: إِنَّ قِتَالَهُمْ عَلَيْهَا مُبَاحٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ إِذَا قِيلَ فِيهِ: إِنَّ دَفْعَهَا إِلَى الْإِمَامِ مُسْتَحَبٌّ وليس بواجب. والله أعلم.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " فأمر الله تعالى جَدُّهُ أَنْ يُصْلِحَ بَيْنَهُمْ بِالْعَدْلِ وَلَمْ يَذْكُرْ تِبَاعَةً فِي دَمٍ وَلَا مَالٍ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الصُّلْحَ آخِرًا كَمَا ذَكَرَ الْإِصْلَاحَ بَيْنَهُمْ أَوَّلًا قَبْلَ الْإِذْنِ بِقِتَالِهِمْ فَأَشْبَهَ هَذَا أَنْ تَكُونَ التَّبِعَاتُ فِي الدِّمَاءِ وَالْجِرَاحِ وَمَا تَلِفَ مِنَ الأموال ساقطة بينهم وكما قال ابن شهاب عندنا قد كانت في تلك الفتنة دماء يعرف في بعضها القاتل والمقتول وأتلفت فيها أموال ثم صار الناس إلى أن سكنت الحرب بينهم وجرى الحكم عليهم فما علمته اقتص من أحد ولا أغرم مالا أتلفه (قال الشافعي) رحمه الله: وما علمت الناس اختلفوا في أن ما حووا في البغي من مال فوجد بعينه أن صاحبه أحق) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الْمُسْتَهْلَكُ بَيْنَ أَهْلِ الْعَدْلِ وَأَهْلِ الْبَغْيِ فِي غَيْرِ ثَائِرَةِ الْحَرْبِ وَالْتِحَامِ الْقِتَالِ مِنْ دِمَاءٍ وَأَمْوَالٍ فَهِيَ مَضْمُونَةٌ عَلَى مُسْتَهْلِكِهَا سَوَاءٌ كَانَ اسْتِهْلَاكُهَا قَبْلَ الْقِتَالِ أَوْ بَعْدَ، فَيَضْمَنُ أَهْلُ الْبَغْيِ مَا اسْتَهْلَكُوهُ لِأَهْلِ الْعَدْلِ مِنْ دِمَاءٍ وَأَمْوَالٍ وَيَضْمَنُ أَهْلُ الْعَدْلِ مَا اسْتَهْلَكُوهُ عَلَى أَهْلِ الْبَغْيِ مِنْ دِمَاءٍ وَأَمْوَالٍ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مِنَ الْمُسْلِمِ مَالَهُ وَدَمَهُ وأن يَظُنَّ بِهِ إِلَّا خَيْرًا) .

وَأَمَّا الْمُسْتَهْلَكُ فِي ثَائِرَةِ الْحَرْبِ وَالْتِحَامِ الْقِتَالِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَهْلِ الْعَدْلِ فِيمَا اسْتَهْلَكُوهُ مِنْ دِمَاءِ أَهْلِ الْبَغْيِ وَأَمْوَالِهِمْ لِأَمْرَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>