للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالصِّنْفُ الثَّانِي: مَنْ عُرِفَ مِنْهُ تَدْلِيسُ الرُّوَاةِ مَعَ صِدْقِهِ فِي الْمُتُونِ فَقَدْ حُكِيَ أَنَّ شُرَيْحًا وَهُشَيْمًا وَالْأَعْمَشَ كَانُوا مُدَلِّسِينَ، وَقِيلَ إِنَّ التَّدْلِيسَ فِي أَهْلِ الْكُوفَةِ أَشْهَرُ مِنْهُ فِي أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَاتُّهِمَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ بِالتَّدْلِيسِ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ ثَلَاثَةُ رِجَالٍ فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ الرِّوَايَةِ عَنْهُ مَنْ حَدَّثَكَ بِهَذَا فَقَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرٍو فَأَعَلَّهُ بَعْضُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ لِأَجْلِ هَذَا وَنَسَبَهُ إِلَى التَّدْلِيسِ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً عَدْلًا.

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَخْلُ حَالُ التَّدْلِيسِ فِي أَسْمَاءِ الرُّوَاةِ مِنْ إِحْدَى حَالَتَيْنِ:

إِحْدَاهُمَا: أَنْ يَكُونَ فِي إِبْدَالِ الْأَسْمَاءِ بِغَيْرِهَا فَيَعْدِلُ عَنِ اسْمِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ يُسَمِّيهِ بِعُمَرَ بْنِ بَكْرٍ لِنُزُولِ مَنْ عَدَلَ عَنِ اسْمِهِ وَارْتِفَاعِ مَنْ عَدَلَ إِلَى اسمه فهذا كذب يرد به حديثه.

والحال الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ التَّدْلِيسُ فِي إطرَاحِ اسْمِ الرَّاوِي الْأَقْرَبِ وَإِضَافَةِ الْحَدِيثِ إِلَى مَنْ هُوَ أَبْعَدُ كَالَّذِي حُكِيَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فِي حَدِيثِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَبَيْنَهُمَا فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ رِجَالٌ وَإِنْ سُمِعَ مِنْهُ فِي أَكْثَرِهَا فَلَا يَكُونُ بِهَذَا التَّدْلِيسِ مَجْرُوحًا وَلَكِنْ لَا يُقْبَلُ حَدِيثُهُ إِذَا رَوَى عَنْ فُلَانٍ حَتَّى يَقُولَ " حَدَّثَنِي " أَوْ " أَخْبَرَنِي " لِأَنَّ إِطْلَاقَهُ يَحْتَمِلُ التَّدْلِيسَ فَإِذَا قَالَ حَدَّثَنِي أَوْ أَخْبَرَنِي ارْتَفَعَ احْتِمَالُ التَّدْلِيسِ فَقُبِلَ حَدِيثُهُ.

وَشَدَّدَ بَعْضُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ حَالَ الْمُدَلِّسِ فَلَمْ يَقْبَلْ حَدِيثَهُ حَتَّى يَقُولَ سَمِعْتُ وَلَا يَقْبَلُهُ إِذَا قَالَ " حَدَّثَنِي " أوَ " أَخْبَرَنِي ". كَمَا لَا يَقْبَلُهُ إِذَا رَوَى عَنْ فُلَانٍ.

وَلَوْ كَانَ مَوْثُوقًا بِأَنَّهُ لَا يُدَلِّسُ سُمِعَتْ رِوَايَتُهُ عَنْ فُلَانٍ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ " حَدَّثَنِي " أَوْ " أَخْبَرَنِي " كَمَا تُقْبَلُ مِنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عمر.

[(فصل: [القول في أحوال نقل السماع] )]

وَأَمَّا الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي نَقْلِ السَّمَاعِ: فَلِلرَّاوِي فِي نَقْلِ سَمَاعِهِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَرْوِيَ مَا سَمِعَهُ بِأَلْفَاظِهِ وَعَلَى صِيغَتِهِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَرْوِيَ مَعْنَاهُ بِغَيْرِ لَفْظِهِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يُنْقِصَ مِنْهُ.

وَالرَّابِعُ: أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ.

فَأَمَّا الْحَالُ الْأُولَى فِي رِوَايَتِهِ لِلَفْظِ الْحَدِيثِ عَلَى صِيغَتِهِ فَلَا يَخْلُو مَصْدَرُهُ مِنَ الرَّسُولِ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءً أَوْ جَوَابًا.

فَإنْ كَانَ ابْتِدَاءً وَحَكَاهُ بَعْدَ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ فِيهِ كَقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الْوُضُوءُ وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>