بِالْغَصْبِ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ فَكَمَا غَرِمَهُ الْمُشْتَرِي لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ فَإِذَا غَرِمَهُ الْغَاصِبُ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَعَلَى هَذَا لِلْغَاصِبِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ الْبَكَارَةِ وَنَقْصِ الْوِلَادَةِ وَقِيمَةِ الْجَارِيَةِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَرْجِعُ بِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْأَوْلَادِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِمْ. وَهَلْ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَرْجِعَ بِالْمَهْرِ وَالْأُجْرَةِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَرْجِعُ إِذَا قِيلَ إِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْقَدِيمِ.
وَالثَّانِي: يَرْجِعُ إِذَا قِيلَ إِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَرْجِعُ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الجديد.
[فصل]
: فلو كان الغاصب قد وطأها قبل البيع ثم وطأها الْمُشْتَرِي بَعْدَ الشِّرَاءِ تَعَلَّقَ بِوَطْءِ الْغَاصِبِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي انْفِرَادِهِ بِوَطْئِهَا وَتَعَلَّقَ بِوَطْءِ الْمُشْتَرِي مَا ذَكَرْنَاهُ فِي انْفِرَادِهِ بِوَطْئِهَا وَكَانَ مَا لَزِمَ الْغَاصِبَ غَيْرَ مَضْمُونٍ عَلَى الْمُشْتَرِي لِتَقَدُّمِهِ عَلَى يَدَيْهِ وَيَرْجِعُ بِهِ السَّيِّدُ عَلَى الْغَاصِبِ وحده، وكان ما لزم المشتري مضمون عَلَى الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ حَادِثٌ بَعْدَ يَدِهِ وَالسَّيِّدُ مُخَيَّرٌ فِي الرُّجُوعِ بِهِ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ ثُمَّ التَّرَاجُعُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا.
فَصْلٌ
: فَأَمَّا كَوْنُهَا أُمَّ وَلَدٍ لِلْوَاطِئِ مِنَ الْغَاصِبِ أَوِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ مَعَ عَدَمِ الشُّبْهَةِ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ فِي الْحَالِ وَلَا إِنْ مَلَكَهَا فِي ثَانِي الْحَالِ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تَصِيرَ أُمَّ وَلَدٍ بِهِ وَإِنْ كَانَ مَعَ الشُّبْهَةِ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ قبل أن يملكها.
وقال المزني تصير أو وَلَدٍ لِلْمُشْتَرِي دُونَ الْغَاصِبِ لِشُبْهَتِهِ وَعَدَمِ عِلْمِهِ وَتَقُومُ عَلَيْهِ وَلَا تَرْتَجِعُ مِنْهُ لِلُحُوقِ وَلَدِهَا بِهِ فِي شِبْهِ مِلْكٍ فَصَارَ كَأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ في إحبال الأمة المشتركة يوجب تقديم حِصَّةِ الشَّرِيكِ عَلَيْهِ. وَهَذَا خَطَأٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ وَلَدَهَا قَدْ يَلْحَقُ بِالْغَاصِبِ مَعَ الشُّبْهَةِ كَمَا يَلْحَقُ بِالْمُشْتَرِي مَعَ الشُّبْهَةِ ثُمَّ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ تَقْوِيمَهَا عَلَى الْغَاصِبِ فَكَذَلِكَ لَا يُوجِبُ تَقْوِيمَهَا عَلَى الْمُشْتَرِي.
وَالثَّانِي: أَنَّ مَنْ لَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ قَوْلًا مَعَ جَوَازِ أَمْرِهِ لَمْ يَنْفُذْ فِعْلًا وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ أَعْتَقَهَا لَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ فَكَذَلِكَ إِذَا أَحْبَلَهَا لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدِهِ فَلِهَذَيْنِ مَا قُلْنَا إِنَّهَا عَلَى مِلْكِ السَّيِّدِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَا تُقَوَّمُ عَلَى مَنْ حَبِلَتْ مِنْهُ فَإِنْ مَلِكَهَا الْمُحَبِّلُ لَهَا فَهَلْ تَصِيرُ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ إِحْبَالِهَا عَلَى قَوْلَيْنِ لِأَنَّهُ إِحْبَالٌ فِي شُبْهَةِ مِلْكٍ. وَاللَّهُ أعلم بالصواب.
[مسألة]
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " فَإِنْ كَانَ ثَوْبًا فأَبْلَاهُ الْمُشْتَرِي أَخَذَهُ مِنَ الْمُشْتَرِي وَمَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا يَوْمَ غَصْبِهِ وَبَيْنَ قِيمَتِهِ وَقَدْ أَبْلَاهُ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْغَاصِبِ بِالثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَ وَلَسْتُ أَنْظُرُ فِي الْقِيمَةِ إِلَى تَغَيُّرِ الْأَسْوَاقِ وَإِنَّمَا أَنْظُرُ إِلَى تغير الأبدان ".