أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ إِدْرَاكُ الطِّلْبَةِ وَالظَّفَرُ بِالْحَاجَةِ قَالَ لَبِيدٌ:
(فَاعْقِلِي إِنْ كُنْتِ لَمَّا تَعْقِلِي ... وَلَقَدْ أَفْلَحَ مَنْ كَانَ عَقَلْ)
وَالثَّانِي: أَنَّهُ الْبَقَاءُ - يَعْنِي فِي الْجَنَّةِ قَالَ الْأَعْشَى:
(وَلَئِنْ كُنَّا كَقَوْمٍ هَلَكُوا ... مَا لِحَيٍّ يَا لَقَوْمِي مِنْ فلاح)
[(مسألة)]
: قال الشافعي: " وَحَسُنَ أَنْ يَضَعَ أُصْبَعَيْهِ فِي صِمَاخَيْ أُذُنَيْهِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: رَوَى عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ سَعْدِ الْقَرَظِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُولُ لِبِلَالٍ إِذَا أَذَّنْتَ فَأَدْخِلْ أُصْبَعَيْكَ فِي أُذُنَيْكَ فَإِنَّهُ أَرْفَعُ لِصَوْتِكَ، وَلِأَنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ أَعْلَمَ الْأَصَمَّ بِفِعْلِهِ وَالسَّمِيعَ بِقَوْلِهِ، فَكَانَ أَبْلَغَ فِي إِعْلَامِهِ، وَلِأَنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ اسْتَدَّتْ أُذُنَاهُ فَاجْتَمَعَ الصَّوْتُ فِي فَمِهِ فَكَانَ أَرْفَعَ لِصَوْتِهِ وَأَبْلَغَ فِي إِعْلَامِهِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ قَائِمًا عَلَى ارْتِفَاعٍ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَ مَنَارَةٍ أَوْ مِئْذَنَةٍ، أَوْ سَطْحٍ اقْتِدَاءً بِمُؤَذِّنِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْإِبْلَاغِ، فَإِنْ أَذَّنَ جَالِسًا عَلَى الْأَرْضِ فَقَدْ تَرَكَ السُّنَّةَ مِنْ هيأته وأجزأه - والله أعلم -.
: قال الشافعي: " وَيَكُونُ عَلَى طُهْرٍ فَإِنْ أَذَّنَ جُنُبًا كَرِهْتُهُ وَأَجْزَاهُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: يُسْتَحَبُّ لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَكُونَ فِي أَذَانِهِ عَلَى أَكْمَلِ أَحْوَالِهِ فِي الطَّهَارَةِ، وَاللِّبَاسِ، مُتَهَيِّئًا مُتَأَهِّبًا لِلصَّلَاةِ فَقَدْ رَوَى عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ وَائِلِ بْنِ حَجَرٍ عَنْ أَبِيهِ وَائِلِ بْنِ حَجَرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " حَقٌّ وَمَسْنُونٌ أَنْ لَا يُؤَذِّنَ أَحَدٌ إِلَّا طَاهِرًا "، وَلِأَنَّهُ دَاعٍ إِلَى فِعْلِ الصَّلَاةِ فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ عَلَى صِفَاتِ الْمُصَلِّينَ فَإِنْ أَذَّنَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ مُحْدِثًا كَانَ أَوْ جُنُبًا فَقَدْ أَسَاءَ وَأَجْزَأَهُ أَذَانُهُ، وَيَعْصِي الْمُؤَذِّنُ بِالدُّخُولِ فِي الْمَسْجِدِ إِنْ كَانَ جُنُبًا وَيُجْزِئُهُ أَذَانُهُ، وَهَكَذَا لَوْ أَذَّنَ مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ كَانَ عَاصِيًا بِكَشْفِ عَوْرَتِهِ، وَالْأَذَانُ مُجْزِئٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ " وَأَنَا لِتَرْكِ الطَّهَارَةِ فِي الْإِقَامَةِ أَكْرَهُ مِنِّي لِتَرْكِهَا فِي الْأَذَانِ، لِأَنَّ الْإِقَامَةَ يَعْقُبُهَا الصَّلَاةُ فَإِنْ أَقَامَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ أَجْزَأَهُ كَالْأَذَانِ، لِأَنَّ الْأَذَانَ، وَالْإِقَامَةَ، لَيْسَا مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute