وَجُمْلَةُ الْخِيَارِ الْمُسْتَحَقِّ فِي الْمَبِيعِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ: خِيَارُ مَجْلِسٍ، وَخِيَارُ شَرْطٍ، وَخِيَارُ عَيْبٍ.
فَأَمَّا الضَّرْبُ الْأَوَّلُ وَهُوَ: خِيَارُ الْمَجْلِسِ.
فَهُوَ مُسْتَحَقٌّ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي. فَإِنْ رَهَنَهُ الْبَائِعُ صَحَّ رهنه وكان فسخا للبيع وإن رهنه المشتري لَمْ يَجُزْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَهَنَهُ عَنْ إِذْنِ الْبَائِعِ فَيَصِحُّ رَهْنُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ إِذْنَ البائع إمضاء، ورهن المشتري إمضاء، وَإِذَا اتَّفَقَ الْمُتَبَايِعَانِ عَلَى الْإِمْضَاءِ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ تَمَّ الْبَيْعُ، وَسَقَطَ الْخِيَارُ.
فَأَمَّا أَنْ يَرْهَنَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ إِذْنِ الْبَائِعِ فَلَا يَجُوزُ وَإِنَّمَا جَازَ رَهْنُ الْبَائِعِ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمُشْتَرِي، وَلَمْ يَجُزْ رَهْنُ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إِذْنِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ رَهْنَ الْبَائِعِ فَسْخٌ، وَرَهْنَ الْمُشْتَرِي إِمْضَاءٌ وَالْخِيَارُ مَوْضُوعٌ لِلْفَسْخِ دُونَ الْإِمْضَاءِ. أَلَا تَرَى لَوْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا وَأَمْضَى الْآخَرُ حُكِمَ بِالْفَسْخِ دُونَ الْإِمْضَاءِ.
(فَصْلٌ)
وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي وَهُوَ: خِيَارُ الشَّرْطِ.
فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ لِلْبَائِعِ دُونَ الْمُشْتَرِي.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ لِلْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ لَهُمَا جَمِيعًا.
فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ مَشْرُوطًا لِلْبَائِعِ دُونَ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ رَهَنَهُ الْبَائِعُ صَحَّ رهنه وكان فسخا للبيع وإن رهنه المشتري لَمْ يَجُزْ وَكَانَ رَهْنًا بَاطِلًا.
لِحَقِّ الْبَائِعِ مِنَ الْخِيَارِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي قَدْ رَهَنَهُ بِأَمْرِ الْبَائِعِ فَيَصِحُّ الرَّهْنُ. وَيَكُونُ إِذْنُ الْبَائِعِ اخْتِيَارًا لِإِمْضَاءِ الْبَيْعِ وَقَطْعِ الْخِيَارِ.
وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ مَشْرُوطًا لِلْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ فَإِنْ رَهَنَهُ الْمُشْتَرِي صَحَّ رَهْنُهُ وَكَانَ اخْتِيَارًا مِنْهُ لِإِمْضَاءِ الْبَيْعِ وَقَطْعِ الْخِيَارِ.
وَإِنْ رَهَنَهُ الْبَائِعُ لَمْ يَجُزْ. وَكَانَ رَهْنُهُ بَاطِلًا، لِأَنَّهُ لَازِمٌ مِنْ جِهَتِهِ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ ثَابِتًا لِغَيْرِهِ إِلَّا أَنْ يَرْهَنَهُ الْبَائِعُ بِإِذْنِ الْمُشْتَرِي فَيَصِحُّ رَهْنُهُ وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ. وَيَكُونُ إِذْنُ الْمُشْتَرِي اخْتِيَارًا لِفَسْخِ الْبَيْعِ.
وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ مَشْرُوطًا لَهُمَا جَمِيعًا، فَإِنْ رَهَنَهُ الْبَائِعُ صَحَّ رَهْنُهُ وَكَانَ فسخا للبيع.