كَسَرَهُ طُولًا لَمْ يَلْزَمِ الثَّانِيَ حُكُومَةٌ فِي السِّنْخِ، لِأَنَّهُ سِنْخٌ لِلْبَقِيَّةِ الَّتِي قَلَعَهَا.
(فَصْلٌ)
وَإِذَا قَلَعَ سِنًّا قَدْ حَصَلَ فِيهَا شَقٌّ أَوْ ثُقْبٌ أَوْ أَكَلَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ مِنْ أَجْزَائِهَا بِذَلِكَ شَيْءٌ فَعَلَيْهِ جَمِيعُ دِيَتِهَا، كَالْيَدِ الْمَرِيضَةِ إِذَا قَطَعَهَا وَإِنْ ذَهَبَ بِالثَّقْبِ وَالتَّآكُلِ بَعْضُ أَجْزَائِهَا أُسْقِطَ مِنْ دِيَةِ السِّنِّ قَدْرُ الذَّاهِبِ مِنْهَا، وَلَزِمَهُ بَاقِي دِيَتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَسْنَانُهُ قَدْ تَصَدَّعَتْ وَتَحَرَّكَتْ حَتَّى رَبَطَهَا بِالذَّهَبِ أَوْ لَمْ يَرْبُطْهَا فَقَلَعَهَا الْجَانِي نُظِرَ فَإِنْ كَانَتْ مَنَافِعُهَا بَاقِيَةً مَعَ حَرَكَتِهَا فِي الْمَضْغِ وَحِفْظِ الطَّعَامِ وَالرِّيقِ فَفِيهَا الدِّيَةُ تَامَّةً، وَإِنْ ذَهَبَتْ مَنَافِعُهَا كُلُّهَا فَفِيهَا حُكُومَةٌ، وَإِنْ نَقَصَتْ مَنَافِعُهَا فَذَهَبَ بَعْضُهَا وَبَقِيَ بَعْضُهَا فَفِيهَا قَوْلَانِ نَصَّ عَلَيْهِمَا فِي كِتَابِ " الْأُمِّ ":
أَحَدُهُمَا: فِيهَا الدِّيَةُ تَامَّةً، لِأَنَّ مَنَافِعَ الْأَسْنَانِ مُخْتَلِفَةٌ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: فِيهَا حُكُومَةٌ، لِقُصُورِهَا عَمَّا اخْتَصَّ بِهَا مِنْ مَنَافِعِهَا.
وَجَهْلُ قَدْرِ النَّاقِصِ فَوَجَبَ فِيهَا حُكُومَةٌ.
فَإِنِ اخْتَلَفَا فَادَّعَى الجاني ذهاب منافعها وادعى المجني عليه بقائها فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ، لِأَنَّ بَقَاءَ مَنَافِعِهَا لَا يُعْلَمُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ، وَلَهُ دِيَتُهَا تَامَّةً، وَلَوْ كَانَتِ السِّنُّ كَامِلَةَ الْمَنَافِعِ فَجَنَى عَلَيْهَا حَتَّى تَصَدَّعَتْ وَتَحَرَّكَتْ وَهِيَ بَاقِيَةٌ فِي مَوْضِعِهَا نُظِرَ فَإِنْ ذَهَبَ بِالْجِنَايَةِ جَمِيعُ مَنَافِعِهَا حَتَّى صَارَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمَضْغِ بِهَا فَفِيهَا دِيَتُهَا تَامَّةً، وَإِنْ ذَهَبَ مِنْهَا نِصْفُ مَنَافِعِهَا فَفِيهَا قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: عَلَيْهِ دِيَتُهَا تَامَّةً، لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْمَسْلُوبُ مِنْ مَنَافِعِهَا مُسَاوِيًا لِمَنَافِعِ غَيْرِهَا.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: فِيهَا حُكُومَةٌ، لِأَنَّ مَنْفَعَةَ كُلِّ شَيْءٍ مُعْتَبَرَةٌ بِهَا، ولو قيل: بوجه ثالث أنه إن أذهب أَكْثَرُ مَنَافِعِهَا كَمُلَتْ دِيَتُهَا، وَإِنْ ذَهَبَ أَقَلُّهَا فَفِيهَا حُكُومَةٌ اعْتِبَارًا بِالْأَغْلَبِ كَانَ لَهُ وَجْهٌ، فَإِنِ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ، لِأَنَّ ذَهَابَ مَنَافِعِهَا لَا يُعْلَمُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ.
وَلَوِ اخْتَلَفَ نَبَاتُ أَسْنَانِهِ فَكَانَ بَعْضُهَا طِوَالًا وَبَعْضُهَا قِصَارًا فَدِيَاتُهَا مُتَسَاوِيَةٌ مَعَ اخْتِلَافِهِمَا فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ، فَإِنْ كَسَرَ بَعْضَ الطَّوِيلَةِ حَتَّى عَادَلَتْ مَا جَاوَزَهَا مِنَ الْقِصَارِ لَزِمَهُ مِنْ دِيَتِهَا بِقَدْرِ مَا كَسَرَ مِنْهَا، وَإِنْ زَادَتْ مَنَافِعُهَا بِكَسْرِ الزِّيَادَةِ عَنْ نَظَائِرِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَسَرَ بَعْضَ الْقَصِيرَةِ حَتَّى كَانَ مَا كَسَرَ مِنْهَا مُعْتَبَرٌ بِهَا لَا بِمَا جَاوَرَهَا مِنَ الطُّولِ، فَلَوْ كَانَ الْمَكْسُورُ نِصْفَهَا وَهُوَ مِنَ الطَّوِيلَةِ رُبُعُهَا لَزِمَهُ نِصْفُ دِيَتِهَا، وَلَوْ جَنَى عَلَى سِنٍّ فَخَرَجَتْ عَنْ حَدِّ صَاحِبَتِهَا حَتَّى بَرَزَتْ عَمَّا جَاوَرَهَا فَإِنْ ذَهَبَتْ مَنَافِعُهَا مَعَ الْبُرُوزِ تَمَّتْ دِيَتُهَا، وَإِنْ بَقِيَتْ مَنَافِعُهَا فَفِيهَا حُكُومَةٌ لِقُبْحِ بُرُوزِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute