للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ لِلُزُومِهَا مِنْ جِهَتِهِ، وَتَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُكَاتَبِ، لِأَنَّهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ مِنْ جِهَتِهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُكَاتَبَ يَلْزَمُهُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ أَنْ يَدْفَعَ مَالَ الْكِتَابَةِ إِلَى كُلِّ مَنْ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِتَرِكَتِهِ، وَلَا يُعْتَقُ حَتَّى يُوصِلَهُ إِلَى جَمِيعِهِمْ.

فَإِذَا ثَبَتَ هَذَانِ الْأَصْلَانِ فَلَا تَخْلُو تَرِكَةُ السَّيِّدِ إِذَا مات من أن يتعلق بها دون وَوَصَايَا أَوْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا، فَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا دُيُونٌ وَلَا وَصَايَا، فَالْمُسْتَحِقُّ لَهَا الْوَرَثَةُ، فَإِنْ كَانَ وَاحِدًا اعْتَبُرِتْ حَالُهُ، فَإِنْ كَانَ جَائِزَ الْأَمْرِ فَهُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِقَبْضِ مَالِهِ إِنْ كَانَ حَاضِرًا فَإِنْ دَفَعَهُ إِلَيْهِ عَتَقَ، وَإِنْ عَدَلَ عَنْهُ بِدَفْعِ الْمَالِ إِلَى غَيْرِهِ لَمْ يَعْتِقْ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَدْفُوعُ إِلَيْهِ حَاكِمًا أَوْ غَيْرَ حَاكِمٍ، وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ الْجَائِزُ الْآمِرِ غَائِبًا نَظَرَ، فَإِنْ كَانَ لَهُ وَكِيلٌ حاضر دفعه إلى وكيله وعتق بدفعه فغن عَدَلَ بِدَفْعِهِ إِلَى حَاكِمٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يُعْتَقْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَارِثِ الْغَائِبِ وَكِيلٌ دَفَعَهُ إِلَى الْحَاكِمِ، وَعَتَقَ بِدَفْعِهِ فَإِنْ عَدَلَ بِدَفْعِهِ إِلَى غَيْرِهِ مِنْ مُنَاسِبٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يُعْتَقْ، وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ الْوَاحِدُ مَوْلًى عَلَيْهِ دَفَعَهُ إِلَى وَلِيِّهِ، وَعَتَقَ بِدَفْعِهِ إِلَيْهِ، فَإِنْ عَدَلَ بِدَفْعِهِ إِلَى غَيْرِ وَلِيِّهِ لَمْ يَعْتِقْ، وَإِنْ كَانَ الْوَرَثَةُ جَمَاعَةً دَفَعَهُ إِلَيْهِمْ إِنْ جَازَ أَمْرُهُمْ أَوْ إِلَى وَلِيِّ مَنْ كَانَ مَوْلًى عَلَيْهِ مِنْهُمْ، فَإِنْ دَفَعَهُ إِلَى بَعْضِهِمْ لَمْ يَعْتِقْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ

فَأَمَّا إِذَا تَعَلَّقَ بِتَرِكَةِ السَّيِّدِ دُيُونٌ وَوَصَايَا، فَنَذْكُرُ حُكْمَ الدُّيُونِ إِذَا انْفَرَدَتْ، وَحُكْمَ الْوَصَايَا إِذَا انْفَرَدَتْ، لِيُعْلَمَ بِهِ حُكْمُ اجْتِمَاعِهِمَا، فَنَقُولُ:

إِنَّ الدُّيُونَ لَا يَخْلُو أَنْ يُوصِيَ السَّيِّدُ بِدَفْعِهَا مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ أَوْ لَا يُوصِي بِهِ، فَإِنْ أَوْصَى بِدَفْعِهَا مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ، فَأَرْبَابُ الدُّيُونِ هُمُ الْمُسْتَحِقُّونَ لِقَبْضِهِ دُونَ الْوَرَثَةِ، وَتَكُونُ الْوَصِيَّةُ إِذْنًا بِدَفْعِ الْكِتَابَةِ إِلَيْهِمْ، وَجَرَى دَفْعُهُ إِلَيْهِمْ مَجْرَى دَفْعِهِ إِلَى الْوَرَثَةِ إِذَا لَمْ تَكُنْ دُيُونٌ، فَإِنْ كَانَ وَاحِدًا صَارَ كَالْوَارِثِ الْوَاحِدِ، وَيُعْتَقُ بِدَفْعِهِ إِلَيْهِ إِذَا كَانَ جَائِزَ الْأَمْرِ وَلَا يَلْزَمُ اسْتِئْذَانُ الْوَارِثِ فِيهِ، وَلَا الِاجْتِمَاعُ مَعَ صَاحِبِ الدَّيْنِ عَلَى قَبْضِهِ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ لِجَمَاعَةٍ عَتَقَ بِدَفْعِهِ إِلَى جَمِيعِهِمْ عَلَى قَدْرِ دُيُونِهِمْ بِالْحِصَصِ، وَلَا يَعْتِقُ بِدَفْعِهِ إِلَى بَعْضِهِمْ، وَجَرَوْا مَجْرَى الْوَرَثَةِ إِذَا كَانُوا جَمَاعَةً، فَإِنْ كَانَ لِلسَّيِّدِ وَصِيٌّ فِي قَضَاءِ دُيُونٍ لَهُ لَمْ يَعْتِقِ الْمُكَاتَبُ بِدَفْعِهِ إِلَيْهِ، لِأَنَّ أَرْبَابَ الدُّيُونِ لَا وِلَايَةَ لِلْوَصِيِّ عَلَيْهِمْ.

فَإِنْ لَمْ يُوصِ السَّيِّدُ بِدَفْعِ مَالِ الْكِتَابَةِ فِي دَيْنِهِ، فَعَلَى الْمُكَاتَبِ أَنْ يَجْمَعَ فِي دَفْعِ مَالِ الْكِتَابَةِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَأَرْبَابِ الدُّيُونِ، لِأَنَّ لِأَرْبَابِ الدُّيُونِ حَقَّ الِاسْتِيفَاءِ وَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَقْضُوهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَيَأْخُذُوا مَالَ الْكِتَابَةِ لِأَنْفُسِهِمْ، فَإِنْ دَفَعَهَا الْمُكَاتَبُ إِلَى أَصْحَابِ الدُّيُونِ دُونَ الْوَرَثَةِ لَمْ يَعْتِقْ، وَإِنْ دَفَعَهَا إِلَى الْوَرَثَةِ دُونَ أَرْبَابِ الدُّيُونِ لَمْ يَعْتِقْ، وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الدَّفْعِ عَتَقَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>