يَشْتَرِطَا خِيَارَ يَوْمٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَا خِيَارَ يَوْمَيْنِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُهُمَا خِيَارَ يَوْمٍ وَالْآخَرِ خِيَارَ يَوْمَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا خِيَارَ ثَلَاثٍ وَالْآخَرِ خِيَارَ يَوْمٍ.
فَلَوْ تَبَايَعَا بِغَيْرِ خِيَارٍ، فَقَبْلَ افْتِرَاقِهِمَا شَرَطَا فِي الْعَقْدِ خِيَارَ يَوْمٍ، ثَبَتَ لَهُمَا خِيَارُ الْيَوْمِ، فَلَوِ افْتَرَقَا ثُمَّ اجْتَمَعَا قَبْلَ تَقَضِّيهِ، فَزَادَا فِي الْخِيَارِ يَوْمًا آخَرَ، ثَبَتَ الْخِيَارُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، فَإِنِ اجتمعا في اليوم الثاني، فزاد يَوْمًا ثَالِثًا، ثَبَتَ الْخِيَارُ لَهُمَا فِيهِ، فَإِنِ اجْتَمَعَا قَبْلَ تَقَضِّي الثَّالِثِ، فَزَادَ فِيهِ يَوْمًا رَابِعًا، بَطَلَ الْبَيْعُ، لِأَنَّهُمَا لَوْ شَرَطَا ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ، بَطَلَ، فَكَذَلِكَ إِذَا أَلْحَقَاهُ بِالْعَقْدِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ يَجِبُ أَنْ يَبْطُلَ.
فَلَوْ أَنَّهُمَا أَسْقَطَا الْيَوْمَ الرَّابِعَ، لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ، لفساد بِاشْتِرَاطِهِ.
فَصْلٌ:
وَإِذَا تَبَايَعَا نَهَارًا وَشَرَطَا الْخِيَارَ إلى الليل، ينقضي الْخِيَارُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ.
وَلَوْ تَبَايَعَا لَيْلًا بِشَرْطِ الخيار إلى طلوع الفجر، يقضي الْخِيَارُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ، وَلَا تَكُونُ الْغَايَةُ دَاخِلَةً فِي شَرْطِ الْخِيَارِ.
وَقَالَ أبو حنيفة: تَدْخُلُ الْغَايَةُ فِي شَرْطِ الْخِيَارِ، فَإِذَا شَرَطَا فِي بَيْعِ النَّهَارِ الْخِيَارَ إِلَى اللَّيْلِ، دَخَلَ اللَّيْلُ فِي الْخِيَارِ. وَإِذَا تَبَايَعَا لَيْلًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ إِلَى النَّهَارِ، دَخَلَ النَّهَارُ فِي الْخِيَارِ.
وَدَلِيلُنَا: هُوَ أَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ " مِنْ " لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ وَ " إِلَى " لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَوْ قَالُوا: سَافَرْتُ مِنَ الْبَصْرَةِ إِلَى الْكُوفَةِ: دَلُّوا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْبَصْرَةَ ابْتِدَاءُ سَفَرِهِمْ وَالْكُوفَةَ غَايَةُ سَفَرِهِمْ، فَاقْتَضَى أَنْ تَكُونَ الْغَايَةُ خَارِجَةً مِنَ الْحُكْمِ، لِأَنَّهَا حَدٌّ، وَالْحَدُّ لَا يَدْخُلُ فِي الْمَحْدُودِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِنْ دِرْهَمٍ إِلَى عَشْرَةٍ كَانَ مُقِرًّا بِتِسْعَةٍ، لِأَنَّ الْعَاشِرَ غَايَةٌ.
وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَاحِدَةٍ إِلَى ثَلَاثٍ، طُلِّقَتْ طَلْقَتَيْنِ، لِأَنَّهُ جَعَلَ الثَّالِثَةَ غَايَةً.
فَصْلٌ:
فَإِذَا اجْتَمَعَ فِي الْعَقْدِ خِيَارَانِ: خِيَارُ شَرْعٍ، وَخِيَارُ شَرْطٍ. فَخِيَارُ الشَّرْعِ، مُقَدَّرٌ بِاجْتِمَاعِ الْأَبْدَانِ، وَخِيَارُ الشَّرْطِ، مُقَدَّرٌ بِمَا شَرَطَا مِنَ الزَّمَانِ، فَلَوْ كَانَ خِيَارُ الشَّرْطِ ثَلَاثًا، فَلِأَصْحَابِنَا فِي ابْتِدَائِهَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا: أَنَّ ابْتِدَاءَهَا مِنْ بَعْدِ انْقِطَاعِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ، إِمَّا بِالتَّفَرُّقِ أَوِ التَّخَايُرِ، وَلَا يَدْخُلُ أَحَدُ الْخِيَارَيْنِ فِي الْآخَرِ، لِأَنَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ مُسْتَفَادٌ بِالشَّرْعِ وَخِيَارُ الثَّلَاثِ مُسْتَفَادٌ بِالشَّرْطِ، وَإِذَا كَانَ مُوجَبُهُمَا مُخْتَلِفًا، تَمَيَّزَا وَلَمْ يَتَدَاخَلَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ: أَنَّ ابْتِدَاءَ خِيَارِ الثَّلَاثِ مِنْ