الْأَوْسَطِ وَكَانَ تَبَعًا لِلْأَكْبَرِ وَإِنْ أَلْحَقُوا بِهِ الْأَوْسَطَ وَالْأَصْغَرَ لَحِقَا بِهِ مَعًا لَا غَيْرَ وَرَقَّ الْأَكْبَرُ وَحْدَهُ. وَلَوْ أَلْحَقَتِ الْقَافَةُ بِهِ الثَّلَاثَةَ لَحِقُوا بِهِ.
فَصْلٌ
: وَإِنْ فَاتَ الْبَيَانُ مِنْ جِهَةِ الْقَافَةِ لَعَدَمِهِمْ أَوْ لِإِشْكَالِ الشَّبَهِ عَلَيْهِمْ فَإِنْ كَانَ إِقْرَارُهُ بِالْوَطْءِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَهِيَ عَلَى الرِّقِّ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِفَوَاتِ بَيَانِهِ لَكِنْ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ تَمْيِيزًا لِحُرِّيَّةِ أَحَدِهِمْ. فَإِذَا أُقْرِعَ أَحَدُهُمْ عُتِقَ وَحْدَهُ وَرَقَّ الْآخَرَانِ وَهَذَا مِمَّا لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ الْمُزَنِيُّ وَسَائِرُ أَصْحَابِنَا.
وَإِنْ كَانَ إِقْرَارُهُ بِالْوَطْءِ فِي مِلْكِهِ فَفِي ثُبُوتِ نَسَبِ الْأَصْغَرِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَثْبُتُ نَسَبُهُ إِذَا قِيلَ إِنَّ ثُبُوتَ نَسَبِ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ بِبَيَانِ الْمُقِرِّ أَوِ الْقَافَةِ يُوجِبُ ثُبُوتَ نَسَبِ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ مِنْ دُونِهِ لِأَنَّ الْأَصْغَرَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ثَابِتُ النَّسَبِ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ الْأَكْبَرُ هُوَ الِابْنُ تَبِعَهُ الْأَوْسَطُ وَالْأَصْغَرُ وَإِنْ كَانَ الْأَوْسَطُ هُوَ الِابْنُ تَبِعَهُ الْأَصْغَرُ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْغَرُ، ثَبَتَ نَسَبُهُ وَحْدَهُ وَصَارَ الْأَصْغَرُ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا وَلَدًا ثَابِتَ النَّسَبِ وَارِثًا. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُزَنِيِّ وَإِنَّمَا حَذَفَهُ الْكَاتِبُ مِنْ كَلَامِهِ.
فَعَلَى هَذَا تَسْقُطُ الْقُرْعَةُ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ وَيَرِقَّانِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ نَسَبَ الْأَصْغَرِ لَا يَثْبُتُ إِذَا قِيلَ إِنَّ ثُبُوتَ نَسَبِ أَحَدِهِمْ لَا يُوجِبُ ثُبُوتَ نَسَبِ مَنْ سِوَاهُ، فَعَلَى هَذَا: هَلْ يُعْتَقُ الْأَصْغَرُ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يعتق إذا قيل: أن ثبوت نسب أحدهم يجعل من دونه ولد أم ولد، فعلى هَذَا تَسْقُطُ الْقُرْعَةُ بَيْنَ الْأَخَوَيْنِ وَيَرِقَّانِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ إِذَا قِيلَ: إِنَّ ثُبُوتَ نسب أحدهم لا يجعل من دونه ولد أو وَلَدٍ فَعَلَى هَذَا يُقْرَعُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ فَيُعْتَقُ أَحَدُهُمْ بِالْقُرْعَةِ تَمْيِيزًا لِلْحُرِّيَّةِ فَإِذَا أُقْرِعَ أَحَدُهُمْ عُتِقَ وَحْدَهُ وَرَقَّ مَا سِوَاهُ وَالْأُمُّ حُرَّةٌ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ بِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ وَلَا يَرِثُ مَنْ عُتِقَ بِالْقُرْعَةِ لِأَنَّ نَسَبَهُ لَمْ يَثْبُتْ.
فَأَمَّا مِيرَاثُ الْمُقِرِّ فَالْمَسْأَلَةُ مُصَوَّرَةٌ: أَنَّ الْمُقِرَّ تَرَكَ مَعَ الثَّلَاثَةِ ابْنًا مَعْرُوفًا فَهَلْ يُوقَفُ مِنَ التَّرِكَةِ شَيْءٌ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يُوقَفُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُزَنِيِّ وَطَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا لِمَا ذَكَرَهُ الْمُزَنِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ جَهْلُنَا بِأَيِّهِمْ الِابْنُ جَهْلًا بِأَنَّ فِيهِمِ ابْنًا كَمَنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا مِنْ نِسَائِهِ وُقِفَ مِيرَاثُ زَوْجَةٍ وَلَا يَكُونُ جَهْلُنَا بِأَيِّهِمِ الزَّوْجَةُ جَهْلًا بِأَنَّ فِيهِمْ زَوْجَةً وَتَأَوَّلُوا قَوْلَ الشَّافِعِيِّ: " وَلَا مِيرَاثَ " يَعْنِي لِمَنْ عُتِقَ بِالْقُرْعَةِ لَا أَنَّهُ أَرَادَ تَرْكَ وَقْفِهِ.