وَالثَّانِي: أَنْ يَمُجَّ الرِّيقَ مِنْ فَمِهِ ثُمَّ يَزْدَرِدُهُ وَيَبْتَلِعُهُ فَهَذَا يُفْطِرُ بِهِ إِجْمَاعًا، لِأَنَّهُ كَالْمُسْتَأْنِفِ لِلْأَكْلِ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَجْمَعَهُ فِي فَمِهِ حَتَّى يَكْثُرَ، ثُمَّ يَبْتَلِعَهُ فَفِي فِطْرِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: قَدْ أَفْطَرَ بِهِ لِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ فِي التَّحَرُّزِ مِنْ مِثْلِهِ.
وَالثَّانِي: لَا يُفْطِرُ لِأَنَّهُ لَا يُفْطِرُ بِقَلِيلِهِ، فَكَذَلِكَ لَا يُفْطِرُ بِكَثِيرِهِ، وَأَمَّا النُّخَامَةُ إِذَا ابْتَلَعَهَا فَفِيهَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: قَدْ أَفْطَرَ بِهَا.
وَالثَّانِي: لَمْ يُفْطِرْ بِهَا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُفْطِرُ، فَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ صَدْرِهِ ثُمَّ ابْتَلَعَهَا فَقَدْ أَفْطَرَ كَالْقَيْءِ، وَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ حَلْقِهِ، أَوْ دِمَاغِهِ لَمْ يفطر كالريق.
[مسألة:]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ تَقَيَّأَ عَامِدًا أَفْطَرَ وَإِنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ لَمْ يُفْطِرْ وَاحْتَجَّ فِي الْقَيْءِ بِابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما (قال المزني) وقد رُوِّينَاهُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (قال المزني) أقرب ما يحضرني للشافعي فيما يجري به الريق أنه لا يفطر ما غلب الناس من الغبار في الطريق وغربلة الدقيق وهدم الرجل الدار وما يتطاير من ذلك في العيون والأنوف والأفواه وما كان من ذلك يصل إلى الحلق حين يفتحه فيدخل فيه فيشبه ما قال الشافعي من قلة ما يجري به الريق (قال) وحدثني إبراهيم قال سمعت الربيع أخبر عن الشافعي قال الذي أحب أن يفطر يوم الشك أن لا يكون صوماً كان يصومه ويحتمل مذهب ابن عمر أن يكون متطوعاً قبله ويحتمل خلافه ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ الْقَيْءُ عِنْدَنَا كَالْأَكْلِ سَوَاءٌ إِنِ اسْتَقَاءَ عَامِدًا أَفَطَرَ وَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَإِنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ وَغَلَبَهُ لَمْ يُفْطِرْ.
وجكي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ الْقَيْءَ لا يفطر بحال تعلقا بقوله
" ثلاث لا يفطرتن الصَّائِمَ الْقَيْءُ وَالْحِجَامَةُ وَالِاحْتِلَامُ ".
وَحُكِيَ عَنْ عَطَاءٍ وَأَبِي ثَوْرٍ: أَنَّ الْقَيْءَ يُفْطِرُ بِكُلِّ حَالٍ، وَيُوجِبُ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ.
وَالدَّلَالَةُ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَاهُ، وَإِبْطَالِ مَا عَدَاهُ: رِوَايَةُ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ