مِنْهُمَا حَتَّى يَبْلُغَ فَيَنْتَسِبَ إِلَى أَحَدِهِمَا وَتَنْقَطِعَ عَنْهُ أُبُوَّةُ الْآخَرِ وَعَلَيْهِ لِلَّذِي انْقَطَعَتْ أُبُوَّتُهُ نِصْفُ قِيمَتِهَا إِنْ كَانَ مُوسِرًا وَكَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَنِصْفُهَا لِشَرِيكِهِ بِحَالِهِ وَالصَّدَاقَانِ سَاقِطَانِ عَنْهُمَا) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ الْقِسْمُ الرَّابِعُ مِنَ الْأَقْسَامِ الْمَاضِيَةِ، وَهُوَ أَنْ يُمْكِنَ لُحُوقُ الْوَلَدِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَذَلِكَ بِأَنْ تَضَعَهُ لِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَطْءِ الْأَوَّلِ، وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنْ وَطْءِ الثَّانِي، وَلَيْسَ فِيهَا مَنْ يَدَّعِي الِاسْتِبْرَاءَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْحَقَ بِالْأَوَّلِ، لِأَنَّهَا وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ أَكْثَرِ الْحَمْلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْحَقَ بِالثَّانِي، لِأَنَّهَا وَضَعَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَقَلِّ الْحَمْلِ وَإِذَا احْتَمَلَ الْأَمْرَيْنِ عُرِضَ الْوَلَدُ عَلَى الْقَافَةِ لِيُلْحِقُوهُ بِأَحَدِهِمَا، فَإِنْ أَلْحَقُوهُ بِالْأَوَّلِ كَانَ الْحُكْمُ فِيهِ عَلَى مَا مَضَى فِي الْقِسْمِ الثَّانِي، وَإِنْ أَلْحَقُوهُ بِالثَّانِي كَانَ الْحُكْمُ فِيهِ عَلَى مَا مَضَى فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ، وَإِنْ أَشْكَلَ عَلَى الْقَافَةِ وَقَفَ الْوَلَدُ عَلَى الِانْتِسَابِ إِلَى أَحَدِهَا، وَفِي زَمَانِ انْتِسَابِهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: إِذَا استكمل سبع سنين في الحال التي خير فِيهَا بَيْنَ أَبَوَيْهِ، لِأَنَّهُ يَنْقَادُ بِطَبْعِهِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: الْبُلُوغُ لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِقَوْلِهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ، فَإِذَا انْتَهَى إِلَى زَمَانِ الِانْتِسَابِ قِيلَ لَهُ: انْتَسِبْ إِلَى أَحَدِهِمَا بِطَبْعِكَ الْمَائِلِ إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْأَنْسَابَ تَتَعَاطَفُ.
رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ الرَّحِمَ إِذَا تَمَاسَّتْ تَعَاطَفَتْ " فَإِذَا انْتَسَبَ إِلَى أَحَدِهِمَا لَحِقَ بِهِ، وَانْقَطَعَتْ عَنْهُ أُبُوَّةُ الْآخَرِ، وَيَكُونُ حُكْمُ مَنْ لَحِقَ بِهِ، وَانْتَفَى عَنْهُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ.
فَصْلٌ
فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ مَوْقُوفٌ عَلَى هَذَا الِانْتِسَابِ تَعَلَّقَ بِزَمَانِ الْوَقْفِ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ:
فَالْحُكْمُ الْأَوَّلُ: فِي كِتَابَةِ الْأُمِّ، وَذَلِكَ مُعْتَبَرٌ بِحَالِ الْوَاطِئَيْنِ فَإِنَّهُمَا لَا يَخْلُوَانِ فِيهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَا مُوسِرَيْنِ.
وَالثَّانِي: أن يكون مُعْسِرَيْنِ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُعْسِرًا وَالْآخَرُ مُوسِرًا، فَإِنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ كَانَتْ كِتَابَتُهُمَا عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا بَاقِيَةٌ بِحَالِهَا فِي جَمِيعِهَا، وَيَمْلِكُ جَمِيعَ كَسْبِهَا، وَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِجَمِيعِ مَهْرِهَا، تَسْتَعِينُ بِهِ فِي أَدَاءِ كِتَابَتِهَا، فَإِذَا أَدَّتْ عَتَقَتْ وَإِنْ عَجَزَتْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ، لِأَحَدِهِمَا، تُوقَفُ عَلَى الْبَيَانِ وَلَا تَعْتِقُ إِلَّا بِآخِرِهِمَا مَوْتًا، إِنْ مَاتَا قَبْلَ الْبَيَانِ.