أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ، وَلَا يَصِيرُ بِهِ حَالِفًا فِي الْبَاطِنِ، إِذَا قِيلَ: إِنَّ مَعْنَاهُ الْمُقَدِّرُ لِلْأَشْيَاءِ بِحِكْمَتِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ، وَيَصِيرُ بِهِ حَالِفًا إِذَا قِيلَ: إِنَّ مَعْنَاهُ الْمُحْدِثُ لِلْأَشْيَاءِ عَلَى إِرَادَتِهِ.
وَأَمَّا الْبَارِئُ: فَمِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى، وَفِي مَعْنَاهُ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ الْمُنْشِئُ لِلْخَلْقِ.
وَالثَّانِي: إِنَّهُ الْمُمَيِّزُ لِلْخَلْقِ، فَإِذَا حَلَفَ بِالْبَارِئِ كَانَ حَالِفًا فِي الظَّاهِرِ، فَإِنْ عَدَلَ بِهِ فِي الْبَاطِنِ إِلَى غَيْرِهِ، فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ، وَلَا يَصِيرُ بِهِ حَالِفًا إِذَا قِيلَ: إِنَّ مَعْنَاهُ الْمُمَيَّزُ لِلْخَلْقِ.
وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ، وَيَصِيرُ بِهِ حَالِفًا، إِذَا قِيلَ: إِنَّ مَعْنَاهُ الْمُنْشِئُ لِلْخَلْقِ.
(فَصْلٌ:)
وَالْقِسْمُ الْخَامِسُ مِنْ أَسْمَائِهِ مَا كَانَ إِطْلَاقُهُ مُخْتَصًّا بِاللَّهِ تَعَالَى فِي الظَّاهِرِ، وَجَازَ أَنْ يَعْدِلَ بِهِ إِلَى غَيْرِهِ فِي الْبَاطِنِ وَجْهًا وَاحِدًا:
أَحَدُهُمَا: الْمُهَيْمِنُ.
وَالثَّانِي: الْقَيُّومُ.
فَأَمَّا الْمُهَيْمِنُ فَهُوَ مِنْ أَسْمَائِهِ فِي الْعُرْفِ، وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: إِنَّهُ الشَّاهِدُ، قَالَهُ قَتَادَةُ.
وَالثَّانِي: إِنَّهُ الْأَمِينُ، قَالَهُ الضَّحَاكُ.
وَالثَّالِثُ: إِنَّهُ الْمُصَدِّقُ، قَالَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ.
وَالرَّابِعُ: إِنَّهُ الْحَافِظُ.
فَإِذَا حَلَفَ بِالْمُهَيْمِنِ كَانَ حَالِفًا بِاللَّهِ تَعَالَى فِي الظَّاهِرِ، فَإِنْ عَدَلَ بِهِ إِلَى غَيْرِهِ مِنَ الْبَاطِنِ جَازَ، وَلَمْ يَكُنْ حَالِفًا.
رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي داعٍ فَهَيْمِنُوا، أَيْ: قُولُوا آمِينَ حِفْظًا لِلدُّعَاءِ، فَسُمِّيَ الْقَائِلُ آمِينَ مُهَيْمِنًا، وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ فِي أَبَى بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -:
(أَلَا إِنَّ خَيْرَ النَّاسِ بَعْدَ نَبِيِّهِ ... مُهَيْمِنُهُ التَّالِيهِ فِي الْعُرْفِ وَالنُّكْرِ)
يَعْنِي: الْحَافِظَ لِلنَّاسِ بَعْدَهُ.