للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَوْلُهُمْ: إِنِ الدِّينَارَ مَوْضُوعٌ فِي الشَّرْعِ عَلَى مُقَابَلَةِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فِي الزَّكَاةِ وَالسَّرِقَةِ فَلَيْسَتِ الزَّكَاةُ أَصْلًا لِلدِّيَةِ، لِأَنَّ نِصَابَ الْإِبِلِ فِيهَا خَمْسٌ، وَنِصَابُ الذَّهَبِ عِشْرُونَ مِثْقَالًا، يَكُونُ الْبَعِيرُ الْوَاحِدُ فِي مُقَابَلَةِ أَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ، وَالدِّيَةُ مِنَ الْإِبِلِ مِائَةُ بَعِيرٍ تَقْتَضِي عَلَى اعْتِبَارِ الزَّكَاةِ أَنْ تَكُونَ الدِّيَةُ مِنَ الذَّهَبِ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ، وَهَذَا مَدْفُوعٌ بِالْإِجْمَاعِ، فَكَذَلِكَ اعْتِبَارُ نِصَابِ الْوَرِقِ بِنِصَابِ الذَّهَبِ.

وَأَمَّا السَّرِقَةُ فَالْحَدِيثُ فِيهَا مَدْفُوعٌ وَالنَّقْلُ مَرْدُودٌ فِيمَا وَرَدَ فِيهِ فَكَيْفَ يُجْعَلُ أَصْلًا لِغَيْرِهِ وَقَدْ رَوَيْنَا أَنَّهُ قَالَ: " الْقَطْعُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ، أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ " فَأَمَّا الْمُزَنِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ: وَرُجُوعُهُ عَنِ الْقَدِيمِ رَغْبَةً عَنْهُ إِلَى الْجَدِيدِ وَهُوَ أَشْبَهُ بِالسَّنَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْقَدِيمُ أَشْبَهَ بِالسُّنَّةِ فَيَكُونُ اخْتِيَارًا لَهُ.

وَالثَّانِي: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْجَدِيدُ أَشْبَهَ بِالسُّنَّةِ فَيَكُونُ اخْتِيَارًا لَهُ وَاللَّهُ أعلم.

[(مسألة)]

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ وَهِيَ الَّتِي تُبْرِزُ الْعَظْمَ حَتَّى يُقْرَعَ بِالْمِرْوَدِ لِأَنَّهَا عَلَى الْأَسْمَاءِ صَغُرَتْ أَوْ كَبُرَتْ شَانَتْ أَوْ لَمْ تَشِنْ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ شِجَاجَ الرَّأْسِ إِحْدَى عَشْرَةَ شَجَّةً فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ مِنْهَا سِتَّةٌ قَبْلَ الْمُوضِحَةِ وَأَرْبَعَةٌ بَعْدَهَا، وَهِيَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ شَجَّةً في قول آخرين منها ثمانية قبل الموضحة، وَخَمْسٌ بَعْدَهَا، فَأَوَّلُهَا الْحَارِصَةُ، ثُمَّ الدَّامِيَةُ، ثُمَّ الدَّامِغَةُ، ثُمَّ الْبَاضِعَةُ، ثُمَّ الْمُتَلَاحِمَةُ، وَقَدْ يُسَمِّيهَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ الْبَازِلَةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ بَيْنَ الْمُوضِحَةِ وَالْهَاشِمَةِ شَجَّةً زَائِدَةً وَهِيَ الْمُفَرِّشَةُ، ثُمَّ الْمُنَقِّلَةُ ثُمَّ الْمَأْمُومَةُ، ثُمَّ الدَّامِغَةُ، وَكَانَ ابْنُ سُرَيْجٍ لَا يَجْعَلُ بَعْدَ الْمَأْمُومَةِ شَيْئًا، وَلَا يُسْتَحَقُّ فِيمَا قَبْلَ الْمُوضِحَةِ وَبَعْدَهَا قِصَاصٌ.

فَأَمَّا الدِّيَةُ الْمُقَدَّرَةُ فَلَا تَجِبُ فِيمَا قَبْلَ الْمُوضِحَةِ، وَيَجِبْ فِيهَا وَفِيمَا بَعْدَهَا فَتَصِيرُ شِجَاجُ الرَّأْسِ مُنْقَسِمَةً ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: مَا لَا يَجِبُ فِيهِ قِصَاصٌ وَلَا دِيَةٌ مُقَدَّرَةٌ وَهُوَ [مَا قَبْلَ الْمُوضِحَةِ.

وَالثَّانِي: مَا يَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ الْمُقَدَّرَةُ وَلَا يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ وَهُوَ مَا بَعْدَ الْمُوضِحَةِ.

وَالثَّالِثُ: مَا يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ وَيَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ الْمُقَدَّرَةُ وَهُوَ] الْمُوضِحَةُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>