وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ:
أَنْ يُجِيزُوا الزِّيَادَةَ عَلَى الثُّلُثِ، وَيَمْنَعُوا الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ فَيَأْخُذُ الْأَجْنَبِيُّ الثُّلُثَ كَامِلًا، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْتَرِضُوا عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَةِ، وَكَمُلَتْ وَصِيَّتُهُ.
وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ:
أَنْ يَرُدُّوا الزِّيَادَةَ عَلَى الثُّلُثِ، وَيُجِيزُوا الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَ الأجنبي والوارث نصفين، ويأخذ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سُدُسًا، لِاشْتِرَاكِهِمَا فِيمَا رَجَعَتْ إِلَيْهِ الْوَصِيَّةُ.
وَالْحَالُ الرَّابِعَةُ:
أَنْ يَرُدُّوا الزِّيَادَةَ على الثلث، ويمضوا الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ، فَيَكُونُ لِلْأَجْنَبِيِّ السُّدُسُ لِأَنَّ مَا زَادَ مَرْدُودٌ فِي حَقِّهِمَا مَعًا فَصَارَ الثُّلُثُ لهما، ثم منع الوارث منه فصار سَهْمُهُ مِيرَاثًا وَأَخَذَ الْأَجْنَبِيُّ سَهْمَهُ مِنْهُ لَوْ كان الوارث له مشاركا.
فلو كَانَتِ الْوَصِيَّةُ لِأَجْنَبِيٍّ وَوَارِثِينَ، وَلَمْ يُجِيزُوا:
كَانَ للأجنبي ثلث الثلث لأنه أحد ثلاثة أشركوا فِي الثُّلُثِ. وَلَوْ كَانَتْ لِأَجْنَبِيَّيْنِ وَوَارِثٍ.
كَانَ لهما ثلث الثُّلُثِ.
وَالِاعْتِبَارُ بِكَوْنِهِ وَارِثًا، عِنْدَ الْمَوْتِ لَا وقت الوصية.
فعلى هذا: لو كان وَارِثًا ثُمَّ صَارَ عِنْدَ الْمَوْتِ غَيْرَ وَارِثٍ: صَحَّتْ لَهُ الْوَصِيَّةُ.
وَلَوْ أَوْصَى لَهُ وَهُوَ غَيْرُ وَارِثٍ ثُمَّ صَارَ عِنْدَ الْمَوْتِ وَارِثًا: رُدَّتِ الْوَصِيَّةُ.
وَلَوْ أَوْصَى لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا: بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ.
وَلَوْ أَوْصَى لِزَوْجَتِهِ، ثُمَّ طَلَّقَهَا: صَحَّتِ الْوَصِيَّةُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ:
وَلَا تَصِحُّ إِجَازَةُ الْوَرَثَةِ إِلَّا مِنْ بَالِغٍ، عَاقِلٍ، جائز الأمر.
وإن كَانَ فِيهِمْ صَغِيرٌ أَوْ مَجْنُونٌ، أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ: لَمْ تَصِحَّ مِنْهُ الْإِجَازَةُ، وَلَا مِنَ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ، وَلَا مِنْ وَلِيِّهِ لِمَا فِي الْإِجَازَةِ عَلَيْهِ مِنْ تَضْيِيعِ حَقِّهِ، وَلَا ضمان على الولي المجيز، ما لم يقبض.
فإن أقبض؛ صار ضامنا لما أَجَازَهُ مِنَ الزِّيَادَةِ.
فَصْلٌ:
وَإِذَا أَجَازَ الْوَرَثَةُ الزِّيَادَةَ عَلَى الثُّلُثِ، ثُمَّ قَالُوا كُنَّا نَظُنُّ أن الزِّيَادَةَ يَسِيرَةً، أَوْ كُنَّا نَظُنُّ مَالَهُ كَثِيرًا، أَوْ كُنَّا لَا نَرَى عَلَيْهِ دَيْنًا: كَانَ القول قَوْلَهُمْ مَعَ أَيْمَانِهِمْ.
فَإِنْ قِيلَ إِنَّ الْإِجَازَةَ ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ مِنْهُمْ، بَطَلَتْ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ، لِأَنَّهَا هِبَةٌ جَهِلُوا بَعْضَهَا، فَبَطَلَتْ.
وَإِنْ قُلْنَا إِنَّهَا تَنْفِيذٌ وَإِمْضَاءٌ، قِيلَ لَهُمْ قَدْ لزمكم من إمضاء الزيادة القدر كنتم تظنوه يَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ لِأَنَّكُمْ قَدْ عَلِمْتُمُوهُ، وَبَطَلَتِ الزيادة فيما جهلتموه.