[(باب ما لا قطع فيه)]
قال الشافعي رحمه الله: " ولا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ وَلَا فِي خِلْسَةٍ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، لِأَنَّ وُجُوبَ الْقَطْعِ فِي النِّصَابِ مُعْتَبَرٌ بِشَرْطَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: الْحِرْزُ، فَإِنْ سَرَقَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ لَمْ يُقْطَعْ.
وَقَالَ دَاوُدُ: يُقْطَعُ.
وَالشَّرْطُ الثَّانِي: الاستخفاء بأخذه، فإن أخذه نهباً أو جناية لَمْ يُقْطَعْ
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: يُقْطَعُ، فَأَمَّا الْمُخْتَلِسُ فَإِنْ سَرَقَ مَا اخْتَلَسَهُ مِنْ حِرْزٍ قُطِعَ، وَإِنِ اخْتَلَسَهُ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ لَمْ يُقْطَعْ.
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِمَا مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ حديث أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: " ليس على الجاني ولا على المختلس ولا على الْمُنْتَهِبِ قَطْعٌ) وَهَذَا نَصٌّ.
وَلِأَنَّ السَّرِقَةَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْمُسَارَقَةِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهَا وَيُمْكِنُ استدراك
المنتهب والجاني بِاسْتِنْفَارِ النَّاسِ عَلَى الْمُنْتَهِبِ وَإِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَى الجاني.
فإن قيل: فقاطع الطريق مجاهر ويقطع قِيلَ: لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُ مَا أَخَذَهُ لِعَدَمِ مَنْ يُسْتَنْفَرُ عَلَيْهِ وَيُسْتَعَانُ بِهِ.
(مَسْأَلَةٌ)
قال الشافعي: " وَلَا عَلَى عَبْدٍ سَرَقَ مِنْ مَتَاعِ سَيِّدِهِ) .
قال الماوردي: وأما إذا سرق العبد من مال غير سَيِّدِهِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ آبِقًا وَغَيْرَ آبِقٍ.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُقْطَعُ إِنْ كَانَ آبِقًا، وَقَدْ مضى الكلام مَعَهُ فَأَمَّا إِذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ وَإِنْ هَتَكَ بِهِ حِرْزًا.
وَقَالَ دَاوُدُ: يُقْطَعُ احْتِجَاجًا بِعُمُومِ الْآيَةِ، وَكَمَا يُحَدُّ إِذَا زَنَا بِأَمَةِ سَيِّدِهِ كَمَا يُحَدُّ إذا زنا بأمة غيره، وخالف الْفُقَهَاءُ فِيهِ احْتِجَاجًا بِرِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه