وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ وَجَدَ دِينَارًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذَكَرَهُ لَهُ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعَرِّفَهُ فَلَمْ يُعْرَفْ فَأَمَرَهُ بِأَكْلِهِ ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهُ فَأَمَرَهُ أَنْ يَغْرُمَهُ.
فَصْلٌ:
فَإِذَا ثَبَتَ مَا رَوَيْنَا فَاللُّقَطَةُ وَالضَّوَالُّ مُخْتَلِفَانِ فِي الْجِنْسِ وَالْحُكْمِ. فَالضَّوَالُّ الْحَيَوَانُ لِأَنَّهُ يَضِلُّ بِنَفْسِهِ وَسَنَذْكُرُ حُكْمَهُ، وَاللُّقَطَةُ غَيْرُ الْحَيَوَانِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِالْتِقَاطِ وَاجِدِهَا لَهَا وَلَهَا حَالَتَانِ إِحْدَاهُمَا أَنْ تُوجَدَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ فَلَا يَجُوزُ لِوَاجِدِهَا التَّعَرُّضُ لِأَخْذِهَا وَهِيَ فِي الظَّاهِرِ لِمَالِكِ الْأَرْضِ إِذَا ادَّعَاهَا.
وَرَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ عَنِ اللُّقَطَةِ فَقَالَ مَا كَانَ مِنْهَا فِي طَرِيقٍ مَيْتَاءَ فَعَرِّفْهَا حَوْلًا فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَهِيَ لَكَ وَمَا كَانَ مِنْهَا مِنْ خَرَابٍ فَفِيهَا وَفِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ.
وَقَوْلُهُ فِي طَرِيقٍ مَيْتَاءَ يَعْنِي مَمْلُوكَةً قَدِيمَةً سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِإِتْيَانِ النَّاسِ إِلَيْهَا وَرُوِيَ فِي طَرِيقٍ مَأْتَى سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِإِتْيَانِ النَّاسِ إِلَيْهَا.
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ تُوجَدَ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ مِنْ مَسْجِدٍ أَوْ طَرِيقٍ أَوْ مَوَاتٍ فَلَا يَخْلُو ذَلِكَ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ تَكُونَ بِمَكَّةَ أَوْ بِغَيْرِ مَكَّةَ فَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ مَكَّةَ مِنْ سَائِرِ الْبِلَادِ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ ظَاهِرٍ وَمَدْفُونٍ فَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: مَا لَا يَبْقَى كَالطَّعَامِ الرَّطْبِ فَلَهُ حُكْمٌ نَذْكُرُهُ مِنْ بَعْدُ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَبْقَى كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالثِّيَابِ وَالْحُلِيِّ وَالْقُمَاشِ فَهَذِهِ هِيَ اللُّقَطَةُ الَّتِي قَالَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا وَعَرِّفْهَا حَوْلًا فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَشَأْنُكَ بِهَا " فَعَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ لِشُرُوطِ تَعْرِيفِهَا ثُمَّ لَهُ بَعْدَ الْحَوْلِ إِنْ لَمْ يَأْتِ صَاحِبُهَا أَنْ يَتَمَلَّكَهَا، وَإِنْ كَانَ مَدْفُونًا فَضَرْبَانِ جَاهِلِيٌّ وَإِسْلَامِيٌّ فَإِنْ كَانَ إِسْلَامِيًّا فَلُقَطَةٌ أَيْضًا وَهِيَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَإِنْ كان جاهليا فهو ركاز يملكه واجده وعليه اخراج خمسه في مصارف الزكوات لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وفي الركاز الخمس وروي عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " وَفِي السِّيُوبِ الْخُمُسُ " يَعْنِي الرِّكَازُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَلَا أَرَاهُ أُخِذَ إِلَّا مِنَ السَّيْبِ وَهُوَ الْعَطِيَّةُ.
وَإِنْ كَانَتِ اللُّقَطَةُ بِمَكَّةَ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِوَاجِدِهَا أَنْ يَتَمَلَّكَهَا وَعَلَيْهِ إِنْ أَخَذَهَا أَنْ يُقِيمَ بِتَعْرِيفِهَا أَبَدًا بِخِلَافِ سَائِرِ الْبِلَادِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute