للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَثُرَ، وَسَوَاءٌ أَفْرَدَهُ بِالْعَقْدِ أَوْ جَعَلَهُ تَبَعًا لِلْمُسَاقَاةِ لِأَنَّهُ إِذَا اسْتَغْنَى عَنْهُ فِي الْمُسَاقَاةِ تَمَيَّزَ بِحُكْمِهِ وَانْفَرَدَ عَنْ غَيْرِهِ فَبَطَلَ الْعَقْدُ فِيهِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْبَيَاضُ بَيْنَ النَّخْلِ، وَلَا يَتَوَصَّلُ إِلَى سَقْيِ النَّخْلِ إِلَّا بِسَقْيِهِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا، وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ كَثِيرًا، فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا جَازَ أَنْ يُخَابِرَهُ عَلَيْهِ مَعَ مَسَاقَاتِهِ عَلَى النَّخْلِ تَبَعًا لِرِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْ ثمرٍ وزرعٍ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ فِي تَوَابِعِ الْعَقْدِ مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُفْرَدَ بِالْعَقْدِ كالثمرة التي لم يبد صَلَاحُهَا يَجُوزُ أَنْ تُبَاعَ تَبَعًا لِلنَّخْلِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا مُفْرَدَةً بِغَيْرِ شرط، وكالحمل واللبن في الضرع يجوز بيعها تَبَعًا وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُمَا مُفْرَدًا وَلِأَنَّ الضَّرُورَةَ دَاعِيَةٌ إِلَى الْمُخَابَرَةِ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ تَبَعًا لِئَلَّا يَفُوتَ الْعَمَلُ فِيهِ بِغَيْرِ بَدَلٍ، وَلَا تَدْعُو الضَّرُورَةُ إِلَى إِفْرَادِهِ بِالْعَقْدِ.

وَإِنْ كَانَ الْبَيَاضُ كَثِيرًا يَزِيدُ عَلَى النَّخْلِ فِفِيِ جَوَازِ الْمُخَابَرَةِ عَلَيْهِ تَبَعًا وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا يَجُوزُ كَالْيَسِيرِ لِلضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ إِلَى التَّصَرُّفِ فِيهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ الْيَسِيرَ يَكُونُ تَبَعًا لِلْكَثِيرِ وَلَا يَكُونُ الْكَثِيرُ تَبَعًا لِلْيَسِيرِ.

فَصْلٌ

فَإِذَا صَحَّتِ الْمُخَابَرَةُ عَلَى بَيَاضِ الْأَرْضِ تَبَعًا لِلْمُسَاقَاةِ عَلَى النَّخْلِ فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يُجْمَعَ بينهما في العقد أو يفردهما، فإن جميع بَيْنِهِمَا فِي الْعَقْدِ فَسَاقَاهُ فِي الْعَقْدِ الْوَاحِدِ عَلَى النَّخْلِ وَخَابَرَهُ عَلَى الْبَيَاضِ فَلَا يَخْلُو قَدْرُ الْعِوَضِ فِيهِمَا مِنْ أَنْ يَتَسَاوَى أَوْ يَتَفَاضَلَ، فَإِنْ تَسَاوَى فَقَالَ قَدْ سَاقَيْتُكَ عَلَى النَّخْلِ وَخَابَرْتُكَ عَلَى الْبَيَاضِ عَلَى النِّصْفِ مِنَ الثَّمَرَةِ وَالزَّرْعِ صَحَّ الْعَقْدُ فِيهِمَا، وَإِنْ تَفَاضَلَ العرض فِيهِمَا فَقَالَ قَدْ سَاقَيْتُكَ عَلَى النَّخْلِ وَخَابَرْتُكَ عَلَى الْبَيَاضِ عَلَى نِصْفِ الثَّمَرَةِ وَثُلُثِ الزَّرْعِ أَوْ عَلَى ثُلُثِ الثَّمَرَةِ وَنِصْفِ الزَّرْعِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ الْبَغْدَادِيِّينَ يَجُوزُ كَمَا لَوْ تَسَاوَى الْعَرْضُ فِيهِمَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ الْبَصْرِيِّينَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُمَا إِذَا تَفَاضَلَا تَمَيَّزَا وَلَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا تَبَعًا لِلْآخَرِ وَلَا مَتْبُوعًا.

فَإِنْ أُفْرِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعِقْدٍ فَسَاقَاهُ عَلَى النَّخْلِ فِي عَقْدٍ وَخَابَرَهُ عَلَى الْبَيَاضِ فِي عَقْدٍ آخَرَ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ الْبَغْدَادِيِّينَ يَجُوزُ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْأَصْلِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ إِفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ الْبَصْرِيِّينَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْعُقُودَ الْمُنْفَرِدَةَ لَا يَكُونُ بَعْضُهَا تَبَعًا لِبَعْضٍ.

وَعَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ اخْتَلَفُوا فِيمَنِ اشْتَرَى نَخْلًا ذَاتَ ثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا ثُمَّ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ فِي عَقْدٍ آخَرَ بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>